صدى الشعب – راكان الخريشا
توقع البنك الدولي في أحدث تقاريره أن يواصل الاقتصاد الأردني مسار نموه المستقر خلال العامين المقبلين رغم ما تشهده المنطقة من اضطرابات وتحديات جيوسياسية واقتصادية، فقدر التقرير أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المملكة 2.7% عام 2026 و2.8% عام 2027، ومستندًا إلى مؤشرات إيجابية سجلها الأردن في عام 2025، من أبرزها ارتفاع الاستثمار الأجنبي، وتحسن الاحتياطات النقدية، ونمو الصادرات والدخل السياحي.
وبهذا السياق قال المحلل الاقتصادي، منير دية، إن البنك الدولي توقّع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في الأردن نحو 2.7% عام 2026، و2.8% عام 2027، وهي تقديرات تعكس ثقة المؤسسة الدولية بقدرة الاقتصاد الأردني على الحفاظ على وتيرة نمو معتدلة رغم التحديات الإقليمية والدولية.
وأضاف دية هذه التوقعات جاءت استنادا إلى المؤشرات الاقتصادية التي حققها الأردن خلال العام الحالي بالرغم من التحديات الكبيرة التي تزامنت مع الحرب في الشرق الأوسط، والتوترات الجيوسياسية، والحرب التجارية العالمية، وما خلّفته من آثار سلبية على معظم الاقتصادات، ومن بينها الاقتصاد الأردني.
وبيّن دية الأردن رغم كل تلك الظروف استطاع أن يحقق معدل نمو اقتصادي متوقعًا للعام 2025 بحدود 2.5%، ما يشير إلى قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود والتكيّف، وتوقع أن تبقى معدلات النمو في السنوات المقبلة ضمن متوسط مستقر دون قفزات كبيرة معتمدًا على مجموعة من المؤشرات الإيجابية التي ظهرت خلال العام الجاري، أبرزها ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي بنسبة تقارب 35%، وارتفاع الاحتياطات الأجنبية إلى نحو 23 مليار دولار، وزيادة الصادرات بنسبة 10%، إلى جانب نمو الدخل السياحي بنسبة 8%، وانخفاض معدل البطالة إلى نحو 21.3%، وبقاء معدل التضخم ضمن حدود 1.9%.
وأشار دية هذه المؤشرات منحت البنك الدولي الثقة في استمرارية تحسّن الأداء الاقتصادي الأردني تدريجيًا، ما جعله يرفع توقعاته للنمو في الأعوام القادمة إلى 2.7 و2.8%.
ولفت دية أن تقرير البنك الدولي لم يغفل التحديات القائمة، حيث أشار بوضوح إلى ضعف المشاركة الاقتصادية، إذ إن أكثر من نصف القوى العاملة في الأردن غير فاعلة اقتصاديًا الأمر الذي ينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وهذه المعضلة تشكّل تحديًا كبيرًا، خصوصًا في ظل ارتفاع نسب البطالة، وضعف فاعلية القوى العاملة المحلية، إلى جانب وجود أيدٍ عاملة وافدة غير مسجلة أو غير رسمية.
وأكد دية هذه الملفات تعتبر من أبرز التحديات التي يتوجب على الحكومة معالجتها خلال المرحلة المقبلة سواء في ما يتعلق بملف المشاركة الاقتصادية وتمكين القوى العاملة الأردنية، أو بملف العمالة الوافدة غير المرخصة، وأهمية التعامل مع تلك التحديات باعتبارها قضايا مركزية تؤثر في هيكل الاقتصاد الوطني ومعدلات نموه.
وأوضح دية التقرير أشار إلى نقاط إيجابية وأخرى سلبية في الأداء الاقتصادي الأردني داعيًا الحكومة إلى التعامل بجدية مع كلتا الجهتين لتعزيز النقاط الإيجابية ومضاعفة أثرها، ومعالجة الثغرات والنقاط السلبية، واعتبر أن من أبرز القضايا التي تتطلب معالجة عاجلة هي تحديات المناخ والجفاف التي أثرت على القطاع الزراعي، وملفات البطالة والمشاركة الاقتصادية والعجز والمديونية، إلى جانب ضرورة التحوّط لاحتمالات ارتفاع التضخم في العام المقبل.
وشدد دية على أن تعزيز المؤشرات الإيجابية يتطلب من الحكومة العمل بفعالية أكبر على سنّ التشريعات وتطبيق الإجراءات اللازمة للمحافظة على الزخم الاقتصادي الذي تحقق خلال 2025، مشيرًا إلى أهمية البناء على النجاحات وتوسيع قاعدة الإنجاز لتشمل قطاعات جديدة.
وأضاف دية المطلوب اليوم هو تكثيف العمل الحكومي في اتجاه دعم القطاعات الإنتاجية والخدمية التي لم تحقق النمو المطلوب بعد، إلى جانب تحفيز بيئة الاستثمار، وتعزيز ثقة القطاع الخاص، وتوسيع قاعدة التشغيل المحلي.
وأكد دية المرحلة المقبلة تتطلب قرارات وإجراءات واقعية ومدروسة للحفاظ على المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تحققت في عام 2025، والبناء عليها لتحقيق نتائج أفضل في السنوات المقبلة، رغم ما يواجهه الاقتصاد الأردني من تحديات داخلية وخارجية متشابكة، مشددًا على أن التوازن بين ضبط المديونية وتحفيز النمو يجب أن يبقى في صميم السياسات الاقتصادية للحكومة الأردنية.
وأوضح دية أن المرحلة المقبلة تتطلب جهودًا مكثفة ومتواصلة لتوسيع قاعدة النمو الاقتصادي في الأردن من خلال التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية والخدمية التي لم تحقق الأداء المطلوب بعد، والعمل على تطوير البنية التحتية الاقتصادية وتعزيز القدرات المؤسسية للقطاعين العام والخاص، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي سيكون عنصرًا أساسيًا للحفاظ على معدلات النمو المتوقعة، إلى جانب تعزيز الثقة في بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار من خلال تشريعات واضحة وشفافة تحمي حقوق المستثمرين وتقلل البيروقراطية والعقبات الإدارية.
وأشار دية إلى أن معالجة التحديات الهيكلية مثل ضعف مشاركة القوى العاملة الأردنية وارتفاع نسب البطالة، إلى جانب ضبط العمالة الوافدة غير المرخصة وغير الرسمية، تعتبر من الأولويات القصوى للحكومة، لأنها تؤثر مباشرة على إنتاجية الاقتصاد وناتجه المحلي الإجمالي، وتحقيق توازن بين ضبط المديونية العامة وتحفيز النمو الاقتصادي يجب أن يبقى في صميم السياسات الاقتصادية، وضرورة متابعة الأداء الاقتصادي عن كثب، وإعداد خطط احترازية لمواجهة أي صدمات خارجية أو داخلية محتملة، سواء أكانت مرتبطة بالأسواق العالمية أو بالتقلبات الإقليمية.
وشدد دية على أهمية استمرار دعم القطاعات الحيوية مثل السياحة والصادرات والصناعة، مع التركيز على تطوير القدرات التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الابتكار والتقنيات الحديثة لتعزيز الإنتاجية، والحفاظ على الزخم الإيجابي الذي تحقق خلال عام 2025 يتطلب اتخاذ إجراءات مستدامة وطويلة الأمد، تشمل التشريعات والسياسات المالية والنقدية، بما يتيح للأردن بناء قاعدة اقتصادية قوية قادرة على التكيف مع التحديات المستقبلية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتوازن في السنوات المقبلة.






