صدى الشعب – كتب: د. عايش النوايسة / خبيرٌ ومستشارٌ تربويٌّ
يُعدّ استخدام المساعد الذكي في التعليم، القائم على الذكاء الاصطناعي، خطوة إيجابية تُسجَّل للمجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إذ يمثل هذا التوجّه انسجامًا مع رؤية سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في توظيف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لخدمة العملية التعليمية. ويُعدّ هذا التطور استجابةً للتحول الكبير في أدوات التكنولوجيا، وتحولًا نوعيًا في توظيف الذكاء الاصطناعي بصورة تربوية وقانونية وبإشراف مباشر من المعلمين، مما يُعزّز نجاح العملية التعليمية ويُحدث نقلة نوعية في أساليب التعليم والتعلّم.
ويعتمد نجاح المساعد الذكي في تحقيق الأثر التعليمي المرجو على الدور الفاعل للمعلمين في دمج هذه التقنية بعمليات التعلم اليومية، من خلال استخدامات متعددة؛ كشرح المفاهيم الصعبة، وإعداد الأسئلة والأنشطة وأوراق العمل، وتشجيع الطلبة على طرح الأسئلة، ومراجعة الدروس، وتلخيص الأفكار الرئيسة، وتوجيه الطلبة وفق مستويات تعلمهم (متفوق، متوسط، متدنٍ). كما يُتيح المساعد الذكي للطلبة التعلم وفق قدراتهم الفردية، تحت إشراف وتوجيه المعلمين، الذين يقع على عاتقهم تدريب الطلبة على مهارات الاستخدام المسؤول، مع التأكيد على أن هذه الأدوات هي وسائل مساعدة وليست بديلًا عن التفكير والتحليل الذاتي، لتجنّب الاعتماد الكلي عليها بما قد يعيق تنمية مهارات التفكير المستقل.
ومن الضروري أن يعمل المعلمون على تدريب الطلبة على تقييم الإجابات وتمييز المعلومات الدقيقة من العامة، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي والنقدي، حيث يُعد التفكير النقدي أداة أساسية لتوظيف المعلومات بفعالية، وعدم قبول جميع الأفكار على أنها حقائق مسلم بها. كما يُشجع على تقديم الملاحظات للوزارة وإدارة المشروع لضمان دقة المحتوى، وتحسين جودة التعلم والمخرجات التعليمية. ولا شك أن المساعد الذكي يسهم في تطوير جودة التعليم، غير أن فاعليته تتطلب تفعيل نتائجه من خلال النقاشات الصفية وتحفيز التفكير النقدي، مع الحفاظ على الدور التفاعلي للمعلمين، إذ لا يُغني عن الحوار المباشر داخل الغرف الصفية. ويجب أن يكون دور الطلبة تفاعليًا مع هذه الأدوات وفق خطط المعلم التعليمية، مع ضرورة استخدامها بشكل أخلاقي ومسؤول.
كما تلعب القيادة المدرسية والإدارة التعليمية دورًا مهمًا في نشر ثقافة التحول الرقمي، من خلال عقد جلسات تعريفية للمعلمين والطلبة حول فوائد وأسس استخدام “سِراج”، وتشجيع مجتمعات التعلم بين المعلمين لتبادل الخبرات في استخدام الذكاء الاصطناعي، وضبط استخدام الأداة بما يتوافق مع توجهات الوزارة والأهداف التربوية والأخلاقية، مع متابعة التفاعل مع التقنية وتقديم الدعم الفني والتربوي عند الحاجة.
ويُشجع كذلك على تحفيز الابتكار بين المعلمين من خلال تصميم أنشطة تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إضافةً إلى صياغة ميثاق مدرسي يضمن الاستخدام الأخلاقي والتوظيف السليم للأداة. ومن المهم تزويد الوزارة والمجلس الوطني بالملاحظات والمقترحات الإيجابية لتعزيزها، ومعالجة التحديات لتطوير التجربة وتحسينها.إن هذه التقنية تمثل تحولًا محوريًا في التعليم، وجاءت في الوقت المناسب، مما يستدعي التنسيق بين إطلاقها والمركز الوطني لتطوير المناهج وبرامج تدريب المعلمين، لضمان التطوير المهني المستمر وتمكين المعلمين من توظيف التكنولوجيا بفاعلية في التعليم.






