صدى الشعب – كتب المحامي محمد عيد الزعبي
أنا كمحلل حيادي، لا أكتب بعاطفتي كمسلم ولا بأمنيتي كعربي، بل بعقلي الذي يفرض عليّ أن أرى الواقع كما هو، مهما كان مرًّا. التحليل ليس منبرًا للتشجيع ولا ساحة للشعارات، بل ميزان حساس لا يحتمل المجاملة ولا التزوير.
الأمل جميل… لكن الحقيقة أصدق
كثيرون يخلطون بين الأمل والوهم، الأمل مشروع وضروري للشعوب، لكنه لا يُغني عن الحقيقة. حين يُباع الأمل على أنه واقع، يتحول إلى خيبة. ومن هنا أقول: لا بد من مواجهة الواقع كما هو، لا كما نتمنى.
مسرحيات التحليل
على الشاشات نرى محللين يوزعون وعود النصر المجاني، وكأن الحروب تُكسب بالتمنّي، وفي المقابل، هناك محللون آخرون لا يعرفون سوى التهويل وصناعة الرعب. هؤلاء وأولئك لا يمارسون تحليلًا، بل يمثلون مسرحية: طرف يبيعك “انتصارات وهمية”، وآخر يبيعك “نهاية العالم”.
حماس بين شرارة وبحر من النار
وبالنظر إلى المشهد الفلسطيني ببرود، بعيدًا عن عاطفتي وانتمائي، أقول: حماس أشعلت فتيل حرب كبرى بلا خطط بديلة لإطفاءها. العملية الأولى أربكت العدو وأوجعته، لكنها لم تُبنَ على استراتيجية مستدامة أو رؤية سياسية واضحة.
الشرارة كانت قوية، لكن سرعان ما تحولت النار إلى حريق شامل. غزة دفعت الثمن الأكبر من دمها وبيوتها، بينما العدو استثمر الحرب لتعزيز صورته داخليًا وخارجيًا. وبهذا، انقلب الانتصار التكتيكي في البداية إلى هزيمة استراتيجية في النهاية.
الخلاصة
أقولها بوضوح: من يشعل حربًا بلا ماء يطفئها، يحترق بها أولًا.
التحليل الحيادي يفرض أن نسمي الأشياء بأسمائها، لم تكن هناك خطة بديلة، لم يكن هناك مخرج، ولذلك كانت الخسارة حتمية، الشعوب بحاجة إلى وعي صادق، لا إلى خطب حماسية ولا إلى تحليلات مرعوبة.
لكن الأشد مرارة أن غزة لم تخسر وحدها… بل خسرنا جميعًا معها، خسرنا دماءً وأحلامًا وبيتًا عربيًا ما زال يحترق.






