الاقتصاد الأخضر نموذج لتعزيز التنمية وتشجيع الابتكار المستدام

النائب الحوامدة لــ”صدى الشعب”: تعديل بعض التشريعات المتعلقة بالمياه والنقل استجابة لـ”مؤتمر الأطراف”

شوشان: الاقتصاد الأخضر يسهم في تقليل تأثيرات التغير المناخي عبر دعم مشاريع الطاقة المتجددة

افنان: القطاع المالي والمصرفي يلعب دورًا رئيسيًا عبر تطوير أدوات التمويل الأخضر

صدى الشعب – سيف الدين القومان

تتجه العديد من دول العالم، بما في ذلك الأردن، نحو تبني سياسات تشجع على تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاقتصاد الأخضر، وهو نموذج اقتصادي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي مع تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.
ويتضمن ذلك تحقيق التوازن بين الموارد الطبيعية وحماية البيئة، ودعم الابتكار المستدام، حيث أن الاقتصاد الأخضر ضرورة ملحة للأردن، حيث يواجه العديد من التحديات البيئية التي تحتاج إلى حلول مستدامة، مثل مشكلة المياه والنقل والتلوث.

التشريعات البيئية في الأردن

أكد رئيس لجنة البيئة والمناخ في مجلس النواب الدكتور حمزة الحوامدة، أنه لا توجد حاليًا تشريعات مباشرة تتعلق بموضوع البيئة والاقتصاد الأخضر، ولكن معظم التشريعات الموجودة تخدم موضوع الاقتصاد الأخضر، لأن لدينا الرؤى الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والتي تم بناؤها بناءً على موضوع الاقتصاد الأخضر، بدليل أنها الرؤية الاقتصادية نضمنت مها 30% للاقتصاد الأخضر، والذي يعتمد على الـ SDGs (أهداف التنمية المستدامة) في الطرق المثلى.
واضاف الحوامدة لــ”صدى الشعب”، أنه وبالنسبة للتشريعات المباشرة، فهناك تشريعات مضمنة ضمن خطط وزارة البيئة، والتي تم الموافقة عليها من مجلس النواب في مجال الاقتصاد الأخضر، سواءً كان الرقمي أو الاقتصاد صديق البيئة، وفي ناحية التخفيف أو في ناحية التكيف، وهذه التشريعات كانت بطريقة غير مباشرة، مستدركًا هناك مجموعة من التشريعات التي ستُطرح في المجلس القادم، بالطبع في الدورة القادمة، وهي الدورة العادية التي ستكون رقم 26.
ولفت، أنه وبعد مراجعة منظومة التشريعات ومعرفة أهداف التنمية المستدامة، واستجابة لمؤتمر الأطراف الذي سيعقد نسخته الثلاثين في البرازيل في تشرين الثاني المقبل، سيتم تعديل بعض التشريعات التي تخدم الوطن بشكل عام، فيما يتعلق بموضوع المياه، ونحن بحاجة إلى إجراءات تتعلق بتشريعات تضمن هذا الملف المهم، وكذلك ما يتعلق بموضوع تضمين الاقتصاد الأخضر في النقل، حيث يعتبر النقل من المشاكل الرئيسية التي تواجهنا.

الاقتصاد الأخضر وأهميته في الأردن

ومن جهته قال رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر شوشان، إن الاقتصاد الأخضر، نموذج اقتصادي يهدف إلى تعزيز التنمية مع تقليل الآثار البيئية السلبية، من خلال استخدام الموارد الطبيعية بكفاءة، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتشجيع الابتكار المستدام،.ويمكن تبسيط المفهوم على أنه “اقتصاد يحمي البيئة ويخلق فرص عمل مستدامة في الوقت نفسه”.
وأشار إلى أن الاقتصاد الأخضر يسهم في تقليل تأثيرات التغير المناخي عبر دعم مشاريع الطاقة المتجددة، وتحسين إدارة المياه، وتقليل التلوث الصناعي، بما يعزز مرونة المجتمع والاقتصاد أمام الصدمات المناخية، وهو قادر على أن يكون منافسًا للاقتصاد التقليدي من خلال خلق فرص استثمارية جديدة، وتعزيز الكفاءة الاقتصادية، وفتح أسواق خضراء محلية وعالمية، لكن التحديات تشمل ارتفاع تكلفة التحول، ونقص البنية التحتية الداعمة، والحاجة لتطوير مهارات القوى العاملة.
ولفت إلى أن القطاعات الأكثر تأثير في الأردن، مثل الطاقة، والمياه، والزراعة، والنقل، يجب أن تبني مبادئ الاقتصاد الأخضر، وهنا يأتي دور الحكومة في وضع سياسات محفزة، مثل حوافز الاستثمار الأخضر، وتشريعات لدعم الطاقة المتجددة، وتنظيم التمويل البيئي.
وأوضح، أن القطاع المالي والمصرفي يلعب دورًا رئيسيًا عبر تطوير أدوات التمويل الأخضر، وصناديق المناخ، ودعم المشاريع المستدامة، حيث أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى توفير فرص استثمارية بقيمة 9 مليارات دولار بين 2022 و2030 في الأردن، تشمل الطاقة النظيفة، وكفاءة الموارد، والبنية التحتية المستدامة، مما يعزز القدرة على معالجة المشكلات البيئية مثل نقص المياه والتلوث.
كما وأشار إلى انه ومع التنفيذ الفعّال، يمكن للاقتصاد الأخضر أن يحقق تكاملاً بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، ويضع الأردن على طريق التحول المستدام، ويعزز فرصه في الأسواق العالمية للاستثمار الأخضر.
وضمن السياق، اشارت المهندسة افنان علي من بنك تنمية المدن والقرى ، إلى انه ومن خلال عملها كخبير أبنية خضراء EDGE Expert، وأحد فريق وحدة إدارة المشاريع والاتفاقيات في بنك تنمية المدن والقرى، أتيحت لها فرصة قريبة لمتابعة كيف يمكن للسياسات الحكومية والمشاريع البلدية أن تتحول إلى أدوات عملية لدفع الاقتصاد الأخضر في الأردن.

دور بنك تنمية المدن والقرى في الاقتصاد الأخضر

وأشارت إلى أن بنك تنمية المدن والقرى اليوم ليس مجرد جهة تمويل، بل مؤسسة إقليمية رائدة، كونه أول مؤسسة في الشرق الأوسط حاصلة على اعتماد صندوق المناخ الأخضر (GCF)، هذا الاعتماد فتح الباب للعمل على مشاريع تمويلية ومناخية كبرى، ضمن الأولويات المحددة وطنياً ومعايير الصندوق على حد سواء.
وقالت، إن عمل الوحدة لا يقتصر على ذلك إنما نسعى من خلال الشراكات والاتفاقيات مع المنظمات الأخرى إلى التركيز على مشاريع الطاقة النظيفة، التخطيط الحضري المستدام، التمويل الأخضر، والتوظيف الأخضر، وكذلك العمل بشكل مستمر على رفع كفاءة الجاهزية لموظفي البنك، حتى يتمكنوا من مواكبة متطلبات هذه المرحلة الجديدة، وتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
ولفتت ، بأن السياسات الحكومية تستطيع أن تحفز هذا التحول بوضوح، من خلال ربط التمويل البلدي بمعايير الاستدامة لتوفي سوقاً حقيقية للمشاريع الخضراء، على سبيل المثال، فإن البلديات التي استثمرت في مشاريع محطات الطاقة الشمسية أو أنظمة إعادة التدوير، أثبتت أن التحول الأخضر يقلل التكاليف التشغيلية، ويوفر موارد إضافية، ويحد من الأثر البيئي السلبي.
كما أن الحوافز الضريبية، التمويل الميسر، السندات الموضوعية، التمويل المناخي، والشراكات مع القطاع الخاص، جميعها أدوات يمكن أن تعزز من قدرة البلديات على المضي في مشاريع تدعم محركات ومحاور رؤية التحديث الاقتصادي وتتماشى مع التزامات الأردن في المساهمات المحددة وطنياً (NDCs).

التحديات والحلول البيئية

أما على صعيد القضايا البيئية الملحة، قالت إن الاقتصاد الأخضر يقدم حلولاً عملية، مثلاً مشكلة نقص المياه يمكن التعامل معها عبر التوجه نحو تقنيات إعادة استخدام المياه الرمادية، الحصاد المائي، أو من خلال مشاريع التحلية المعتمدة على الطاقة المتجددة.
وتابعت، أما مواجهة مشكلة التلوث، النقل الكهربائي العام ومشاريع إدارة النفايات الصلبة عبر الفرز وإعادة التدوير، كلها حلول تخفف الانبعاثات وتحسن نوعية الحياة في المدن ورفع الاستدامة وهي احدى المحركات الرئيسية في رؤية التحديث الاقتصادي المتماشية مع أهداف التنمية المستدامة والتي بدورها تفتح مجالات عمل جديدة للشباب.
واشارت بأن التجربة التي نعيشها في بنك تنمية المدن والقرى تعكس أن الأردن يمتلك القدرة على الانتقال من المبادرات الفردية إلى بناء منظومة متكاملة للاقتصاد الأخضر. والسؤال الذي يبقى مطروحاً: هل ستتجه الحكومة مستقبلاً نحو جعل التمويل الأخضر شرطاً إلزامياً في جميع مشاريع البلديات إذا تحقق ذلك، فإن هذا سيضع الأردن في موقع متقدم إقليمياً، وسيوفر فرصاً اقتصادية واسعة تتماشى مع طموحات رؤية التحديث الاقتصادي على المستوى الوطني.