صدى الشعب- حلا باسل الحَبيس
لا تزال أسعار السلع والخدمات ترتفع بشكل متواصل وسط استمرار موجة التضخم التي تؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، الذين باتت رواتبهم غير كافية لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، يلجأ الكثيرون إلى الاقتراض من البنوك، حيث تواجههم أسعار فائدة متغيرة يصعب التنبؤ باتجاهها.
في خطوة تهدف إلى التخفيف من هذه الأعباء، قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، خلال اجتماعها السادس لهذا العام، تخفيض سعر الفائدة الرئيس للبنك المركزي ومختلف أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس، اعتباراً من الأحد 21 أيلول 2025، في محاولة لتحفيز الاقتصاد وتقديم الدعم للمواطنين في مواجهة تحديات الغلاء المستمر.
وبهذا الخصوص، قال الخبير الاقتصادي منير دية، إن قرار البنك المركزي الأردني بخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية (0.25%)، يأتي انسجاماً مع قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، ويُعد أول قرار لخفض الفائدة خلال العام الحالي، بعد أن اكتفى المركزي سابقاً بتثبيت الأسعار خلال الاجتماعات الماضية.
وأوضح دية، خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذا التوجه جاء على خلفية المخاوف الأميركية من عودة التضخم نتيجة الرسوم الجمركية، والتوترات الجيوسياسية، والحرب التجارية، إذ سبق للفدرالي الأميركي أن رفع أسعار الفائدة 11 مرة خلال عامي 2021 و2022، قبل أن يبدأ بتخفيضها تدريجياً خلال ثلاثة اجتماعات في شهور أيلول وتشرين الأول وكانون الأول من عام 2024، بمقدار إجمالي بلغ 1%، وذلك بعد استقرار معدلات التضخم عند 2.7%.
وأضاف أن خفض الفائدة سينعكس إيجاباً على المقترضين المحليين، في ظل تجاوز مديونية الأفراد 14 مليار دينار، وبلوغ التسهيلات الائتمانية المقدّمة من البنوك أكثر من 37 مليار دينار حتى الآن، ما يعني أن خفض سعر الفائدة سيساهم في تقليل كلفة الاقتراض، وتخفيف السياسة النقدية المتشددة، وزيادة ضخ السيولة في الأسواق، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة تلك التي تعتمد على التمويل البنكي كقطاع الإسكان والمركبات.
وأشار إلى أن العديد من المواطنين يلجؤون إلى الاقتراض لشراء الشقق والسيارات، وبالتالي فإن تقليل كلفة الاقتراض عن الأفراد والمؤسسات سيساهم في تخفيف الأعباء المالية، وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين، وتقليص قيمة الأقساط، ما يُمكنهم من تأمين احتياجاتهم الأساسية، ويزيد من معدلات الإنفاق، وهو ما يدعم حركة السوق.
وأكد دية أن كل تخفيض في أسعار الفائدة يُعد محفزاً للأسواق، ويسهم في تنشيطها وزيادة القدرة الشرائية، مشيراً إلى وجود نحو مليون ونصف أردني مقترض، ما يعني أن أكثر من 60% من المواطنين الأردنيين يتأثرون بشكل مباشر بتغيرات أسعار الفائدة، خاصة وأن العديد منهم يقترضون لأجل أسرهم، وبالتالي فإن أي تخفيض في الفائدة يخفف من الأعباء المالية ويعزز قدرتهم على السداد والشراء.
وأوضح أن البنوك المحلية مُلزمة بعكس قرار البنك المركزي الأردني بخفض الفائدة على المقترضين، غير أن تنفيذ هذا القرار يعتمد على العقود المبرمة بين البنوك والمقترضين، ودورية مراجعتها، مشدداً على أن البنوك سبق أن قامت برفع الفائدة على المواطنين بأثر رجعي خلال موجات الرفع السابقة التي بلغت 11 مرة، وتسببت بزيادة قيمة الأقساط ومدد السداد، ما أثر سلباً على المقترضين، وبالتالي فإن من المنطقي أن يتم تطبيق الخفض بشكل مباشر عند استحقاق دورية العقود.
وبيّن دية أن خفض الفائدة عالميًا يسهم أيضاً في تقليل كلفة الدين العام، لا سيما في ظل تجاوز المديونية الأردنية 46 مليار دينار، وفق آخر بيانات البنك المركزي، وارتفاع خدمة الدين العام إلى أكثر من 30.3 مليار دينار، مشدداً على أن أي خفض في الفائدة يُخفف الأعباء المالية عن الحكومة، ويقلل من كلفة خدمة الدين.
ونوَّه إلى أن من أبرز القطاعات المستفيدة من خفض الفائدة، القطاع العقاري، حيث يعتمد أغلب المواطنين على التمويل البنكي لشراء الشقق والأراضي، في ظل غياب السيولة النقدية الكافية، كما يُتوقع أن يتأثر قطاع المركبات بشكل إيجابي، إضافة إلى قطاعات أخرى ستنتفع بشكل غير مباشر نتيجة تقليص كلف الاقتراض عن المؤسسات، ما يدفعها لزيادة الإنتاج والتوسع.
وأشار إلى أن خفض الفائدة يوفّر سيولة أكبر في الأسواق، ويُخفف من التشدد في السياسات النقدية لدى البنوك، مما يدعم الانتعاش الاقتصادي بشكل عام، عبر التأثير المباشر على بعض القطاعات، وغير المباشر على أخرى، من خلال تحسين البيئة التمويلية وتحفيز الطلب.






