عاملون التوصيل بالأردن … بين نمو متسارع وغياب الامان الوظيفي

حسام عايش لـ صدى الشعب : القطاع ينمو 20% سنويا لكن بلا ضمان اجتماعي

حمادة ابو نجمة لـ صدى الشعب : 25 الف أردني يعملون بالتطبيقات دون حماية

صدى الشعب – محمد رصرص

رغم أن تطبيقات النقل والتوصيل أصبحت جزءاً أساسياً من حياة الأردنيين اليومية، إلا أن الشباب العاملين في هذا القطاع ما زالوا يعيشون في منطقة رمادية قانونياً، بين ساعات عمل طويلة، ومخاطر مرورية يومية، وغياب كامل للاستقرار الوظيفي.

الشباب العاملون في توصيل الطلبات لا يشملهم قانون العمل الأردني، ولا مظلة الضمان الاجتماعي، مما يعني أنهم بلا أي تأمين صحي، ولا تعويضات عن الإصابات، ولا حقوق تقاعدية، وهذا الفراغ القانوني يتركهم معرضين أمام المخاطر اليومية، من حوادث مرورية إلى تذبذب الدخل وفقدان الاستقرار الوظيفي.

العمل عبر التطبيقات مصدراً للدخل للشباب

قال المحلل الاقتصادي حسام عايش إن عدد العاملين في توصيل الطلبات بالأردن يقدّر حالياً بين 25 و30 ألف شخص، مع توقعات بزيادة تصل إلى 30–40 ألف خلال السنوات القادمة نتيجة النمو السنوي للقطاع الذي يتراوح ما بين 15 و20٪ .

وأوضح أن الطلب المتزايد على التوصيل يعود إلى التحولات الاجتماعية، وزيادة التجارة الإلكترونية، وارتفاع معدلات البطالة، ما يجعل العمل عبر التطبيقات مصدراً مهماً للدخل للشباب .

وأشار إلى أن العاملين في هذا القطاع يواجهون مخاطر عدة، أبرزها غياب الأمان الوظيفي، وعدم وجود حماية قانونية أو اشتراك في الضمان الاجتماعي، وظروف العمل الخطرة، وساعات طويلة بدون راحة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الوقود والصيانة والمنافسة الشرسة مع الشركات الكبرى، وضعف البنية التحتية، والإزدحام في بعض المناطق.

وأضاف أن غياب التنظيم القانوني يجعل هذا القطاع جزءاً من الاقتصاد غير الرسمي، ما يقلل من فعالية السياسات المالية ويضعف جودة الوظائف والأجور، كما يحد من فرص الشباب للانتقال إلى وظائف مستقبلية منظمة.

وشدد على ضرورة إدماج العاملين في قانون العمل وتوفير الضمان الاجتماعي، مع تنظيم العلاقة بين العاملين والشركات لضمان العدالة وحماية الحقوق، مؤكداً أن هذا القطاع أصبح جزءاً أساسياً من سوق العمل ويحتاج إلى متابعة رسمية لضمان استدامته وحماية العاملين فيه .

غياب تشريعي يحمي العامليين

قال رئيس مركز بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، إن عدد العاملين في توصيل الطلبات والسلع يقدر بنحو 25 ألف أردني معظمهم من الشباب، إضافة إلى ما بين 13 إلى 15 ألفاً في النقل الذكي، وما يقارب 10 إلى 15 ألفاً في خدمات العمل الرقمي مثل البرمجة والتصميم والترجمة، مشيراً إلى أن غالبيتهم يعملون دون أي اشتراك في الضمان الاجتماعي أو تنظيم نقابي أو حماية من الفصل التعسفي.

وأوضح أبو نجمة أن غياب أي قواعد تشريعية تلزم المنصات بالإفصاح عن كيفية تحديد الأسعار وتوزيع الطلبات وتقييم الأداء، جعل من الخوارزميات عملياً “صاحب العمل غير المرئي” الذي يتحكم بمصير هؤلاء العاملين دون أي التزام بالشفافية أو آليات للطعن، ما يعرّضهم لتغييرات مفاجئة في الدخل أو حتى الإيقاف عن العمل دون إنذار أو تعويض .

وأكد أن العاملين على المنصات الرقمية في الأردن يفتقدون لأي مظلة تنظيمية مهنية أو نقابية تدافع عن حقوقهم أو تفاوض باسمهم، رغم أن الدستور الأردني يضمن حرية تكوين الجمعيات وقانون العمل يكفل حق التنظيم النقابي، لافتاً إلى أن هذه الفجوة التنظيمية تزيد من هشاشتهم وتجعلهم عرضة لاستغلال مضاعف مقارنة بالعاملين في القطاعات التقليدية .

وأضاف أن قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996 لا يتضمن أي تعريف أو تنظيم خاص للعمل عبر المنصات الرقمية، حيث ما يزال تعريف العامل محصوراً بمن يعمل تحت إشراف مباشر من صاحب العمل، دون الأخذ بعين الاعتبار الأشكال الحديثة من الرقابة الخوارزمية التي تمارسها التطبيقات الرقمية، كما أن قانون الضمان الاجتماعي رقم (1) لسنة 2014 يربط الاشتراك الإلزامي بوجود علاقة عمل تقليدية بأجر، ما يجعل آلاف العاملين في هذا القطاع خارج أي تغطية ضد إصابات العمل أو المرض أو الشيخوخة أو حتى التعطل .

وحذر من أن استمرار هذا النمو دون أطر تشريعية سيعمّق مشكلات الاقتصاد غير المنظم ويزيد من غياب العدالة الاجتماعية الرقمية، داعياً إلى تبني إصلاحات تشريعية جذرية تعيد صياغة العلاقة بين المنصات والعاملين لديها من خلال تعديل تعريف العامل في قانون العمل ليشمل من يخضع فعلياً لرقابة خوارزمية أو تبعية اقتصادية حقيقية، وإلزام المنصات بالمساهمة في الضمان الاجتماعي بما يضمن تغطية إصابات العمل والتقاعد والتأمين الصحي .

كما شدد على ضرورة إقرار قواعد وطنية واضحة تفرض على المنصات الإفصاح بشفافية عن آليات الخوارزميات التي تحدد الأجور وتوزع الطلبات وتقيم الأداء، إلى جانب تمكين العاملين من تأسيس نقابات خاصة بهم بما يتيح لهم التفاوض الجماعي على شروط عملهم، وحثّ الجهات الرسمية على الانخراط في مسار منظمة العمل الدولية لإعداد الصك الدولي الجديد الخاص بالعمل على المنصات والمصادقة على الاتفاقية الصادرة عن منظمة العمل العربية حول الأنماط الجديدة للعمل، بما يواكب التحولات الرقمية ويضمن عدالة اجتماعية أوسع .