الجوابرة: الضغط الدراسي قد يسبب قلقاً ونفوراً من المدرسة
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
مع انطلاق العام الدراسي الجديد، تبرز مجدداً تساؤلات حول الطريقة المثلى لتهيئة الطلبة للعودة إلى مقاعد الدراسة، خصوصاً في المراحل الأساسية التي تشكّل القاعدة الأولى في مسيرتهم التعليمية.
وبينما يلجأ بعض المعلمين إلى تكليف الطلبة بواجبات دراسية مكثفة منذ الأيام الأولى، أو إلى إجراء امتحانات مبكرة بهدف قياس مستوياتهم، يرى تربويون أن هذه الممارسات قد تحمل آثاراً سلبية تفوق فوائدها، وتؤدي إلى نتائج عكسية تُضعف دافعية الطالب للتعلم، بدلاً من أن تعززها.
وبهذا الإطار، حذّرت الخبيرة التربوية الدكتورة نورا الجوابرة من التأثيرات السلبية المحتملة لتكليف الطلبة بواجبات دراسية مكثفة، أو إجراء امتحانات مبكرة في الأسابيع الأولى من العام الدراسي، مؤكدة أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على دافعية الطلبة للتعلم، لا سيما في المراحل الأساسية.
وقالت الجوابرة خلال حديثها لـ”صدى الشعب” ، إن الإكثار من الواجبات في بداية العام قد يؤدي إلى نتائج عكسية؛ فبدلاً من تعزيز الدافعية، يشعر الطالب بالضغط والإرهاق، ما يُضعف حماسه واستعداده للتعلم.
وأضافت أن علم النفس التربوي يوضح أن المرحلة الأولى من العام الدراسي تُعد فترة تهيئة وتكيف، مشيرة إلى أن التحميل الزائد على الطلبة في هذه المرحلة قد يؤدي إلى إضعاف الدافعية الداخلية للتعلم، ويجعل الطالب يربط الدراسة بالإجهاد والتعب، لا بالمتعة أو الاكتشاف.
الواجبات يجب أن تكون نوعية لا كمية
وحول مدى مناسبة إجراء امتحانات مبكرة في بداية العام، أوضحت أن هذه الامتحانات ليست دقيقة في قياس مستوى الطالب”، لأنها تجرى قبل أن يتأقلم الطالب مع بيئة التعلم الجديدة، مبينة أن من الأفضل أن تمنح المدارس الطلبة فترة تهيئة نفسية وتنظيمية، يليها تقييم تشخيصي غير رسمي، من خلال أنشطة أو اختبارات قصيرة، بهدف التعرف إلى مستوياتهم الفعلية، قبل اللجوء إلى الامتحانات الرسمية.
وأشارت إلى أن الضغط الناجم عن الواجبات والامتحانات المبكرة قد تكون له انعكاسات نفسية خطيرة على الطلبة، خصوصاً في المراحل الأساسية، موضحة أن الضغط المبكر قد يُسبب قلقاً دراسياً، وانخفاضاً في الثقة بالنفس، ونفوراً من المدرسة.
وبيّنت أن الأطفال في المراحل الأساسية أكثر حساسية وتأثراً بالضغوط، وقد يترجمون هذا الضغط إلى سلوكيات سلبية، مثل التأجيل المتكرر، أو رفض الذهاب إلى المدرسة، أو حتى مشاكل في النوم والشهية.
وفيما يتعلق بإدارة المعلمين للواجبات المدرسية، أكدت على أهمية أن تكون الواجبات نوعية لا كمية، بحيث تركز على تعزيز الفهم وربط المعرفة بالحياة اليومية، مع مراعاة وقت الطالب وظروفه الشخصية.
ونصحت بأن تكون الواجبات قصيرة، وتفاعلية، وتعزز الإبداع، وتتيح مجالاً للتعلم الذاتي، بدلاً من أن تقتصر على التكرار والحفظ فقط، مشيرة إلى أن هذا النوع من الواجبات يحقق الأهداف التعليمية دون أن يتحول إلى عبء على الطالب.
وعن دور الأسرة في التعامل مع كثافة الواجبات منذ بداية العام الدراسي، دعت الأهل إلى دعم أبنائهم نفسياً، من خلال خلق بيئة هادئة للدراسة، وتقسيم الوقت، وتجنب ممارسة ضغط إضافي عليهم، إلى جانب أهمية التواصل الإيجابي مع المعلم لإيجاد توازن مناسب بين متطلبات المدرسة وقدرات الطفل.
وفي ما يتعلق بعدالة التقييم، شددت الجوابرة على أن الامتحانات المبكرة لا تعكس بدقة قدرات الطالب، لأنها تُجرى في ظل ظروف نفسية وتنظيمية غير مستقرة، لافتة إلى أن العدالة في التقييم تتطلب منح الطالب الوقت الكافي للتأقلم، وإلا فإن نتائجه المبكرة ستكون صورة مشوهة عن مستواه الحقيقي.






