صدى الشعب – راكان الخريشا
في وقت تتسارع فيه خطى الدولة الأردنية نحو بناء مستقبل أكثر كفاءة وفاعلية، يبرز ملف تحديث القطاع العام كأحد الأعمدة الرئيسة لمشروع التحديث الوطني الشامل، بوصفه المدخل الحقيقي لإصلاح منظومة الإدارة الحكومية وتطوير أدائها بما يواكب متطلبات العصر، فالقطاع العام لم يعد مجرد جهاز إداري تقليدي، بل غدا رافعة أساسية في رسم السياسات العامة وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.
ومن هنا تأتي خارطة تحديث القطاع العام كخطوة استراتيجية فارقة، وضعتها الحكومة بتوجيهات ملكية واضحة، لتشكل إطارًا عمليًا يحدد ملامح التحول الإداري المنشود، ويرسم الطريق نحو جهاز حكومي أكثر كفاءة ومرونة قادر على تقديم خدمات عصرية للمواطنين، وعلى مواكبة المسارات الإصلاحية الأخرى في شقّيها الاقتصادي والسياسي.
ومع مرور وقت على إطلاق هذه الخارطة، تطرح الأسئلة نفسها بقوة: هل يسير هذا المسار وفق التوجهات الصحيحة كما رُسم له، وما أبرز النجاحات التي تحققت حتى الآن على أرض الواقع كما يبرز تساؤل آخر حول أثر هذه العملية في تحسين كفاءة الجهاز الحكومي وتطوير الخدمات، ومدى قدرتها على إحداث التغيير الملموس الذي ينتظره المواطن.
وإذا كان التحديث يتقاطع بالضرورة مع باقي المسارات الإصلاحية فإن التكامل بينه وبين المسار الاقتصادي والسياسي يشكّل ركيزة لا غنى عنها لنجاح التجربة برمتها كما يفتح الباب واسعًا أمام فرص استثمار التحول الرقمي كأداة محورية تسرّع من وتيرة الإصلاح وتضاعف من أثره الإيجابي.
وفي هذا الاطار قالت وزيرة الدولة لتطوير القطاع المؤسسي الأسبق، ياسرة غوشة، إن تطوير القطاع العام موضوع ليس جديد بل هو من الالويات التي يؤكد عليها جلالة الملك في كل خطابات العرش وكتب التكليف للحكومات المتعاقبة، باستعراض خطط التطوير الاداري في الاردن منذ عام 2000 وحتى اليوم نجدها متماثلة وعناصرها واحدة إلى حد كبير وهي تطوير الخدمات الحكومية وتبسيط الاجراءات واعادة هندستها لتكون قابلة للتحول الالكتروني، تطوير الموارد البشرية، هيكلة الجهاز الحكومي وتعزيز عملية رسم السياسات العامة وصنع القرار، وتأتي الحكومة الجديدة بخطط استراتيجية وبرامج عمل تنفيذية لتحقيق الأهداف كلها متشابهة إلى حد كبير ولكن المهم التنفيذ الحقيقي والذي يلمس أثرة المواطن، فأغلب ما جاء بخارطة تحديث القطاع العام سبق طرحة خلال الخمس والعشرون السنة الماضية، لكن نريد ان نرى نتائج وإنجاز، وهذا يستدعى التزام من الحكومات التالية والجهاز الحكومي كالتزام على الجهاز يجب تنفيذة وليس برنامج تختص به حكومة وينتهي برحيلها، تطوير القطاع العام عملية مستمرة وتحتاج وقت لنرى أثرها، وأرى ان الحكومة الحالية التزمت بالخطة وعدلت ما يجب تعديله بعد ان تمت مراجعته وتقييمه وهذا هو الاسلوب السليم بالتحديث.
وأضافت غوشة اهتمام الحكومة الحالية بوضع التشريعات التي تضمن الالتزام والاستمراريه والوضوح بالالتزامات وكيفية تنفيذها وعرضها بشفافية للمواطن هي نقطة مهمة، وإضافة الى السرعة بالانجاز وحل المعضلات عندما تثار أي مشكلة ومتابعة حثيثة ومستمره من دولة الرئيس وبعض وزراءه هي إيجابية، وتعد سرعة إنجاز المعاملات الحكومية هي أولوية ركزت عليها الحكومة وعملت على اتباع الطريق الصحيح وذلك بمراجعة الاجراءات مع الجهات المنفذة واختصارها واستبعاد الازدواجية ثم أتمتهها هو دليل على صحة البرامج ونجاحها.
- كما أن الامر الهام لوضع السياسة ضرورة دراسة الاثر قبل وبعد وضع السياسة وإجراء دراسات بالارقام لاثر السياسة التي ستطبق وأثرها على كل قطاع وهذا ما تبنته بكفاءة حكومة الدكتور جعفر حسان بإصدار نظام بتعزيز عملية إتخاذ القرار وذلك بإصدار نظام تقييم الأثر للتشريعات والسياسات لسنة 2025 سنداَ لاحكام المادة 120 من الدستور، إضافة لنظام القيادات الحكوميَّة لسنة 2025 ونظام إدارة وتطوير الخدمات الحكومية لسنة 2025 وغيرها من الانظمة الضرورية لآعداد منظومة تشريعات لتطوير الهياكل التنظيمية للمؤسسات بحيث تحافظ على الثبات التشريعي والإداري لها وتتجنب التغيير المستمر.
وأوضحت غوشة حتى نحسن أداء الجهاز الحكومي لا بد من رفع كفاءة العاملين بالتدريب المستمر والاطلاع على البرامج الحديثة وبذات الوقت تفويض الموظفين وتقييم أداءهم باستمرار، واذا كنا نريد كسب ثقة المواطن يجب ان يتم تطوير الخدمة وتسهيلها والتركيز على تدريب موظفي الجهاز الحكومي في مجال خدمة الجمهور، وان يكون كل الموظفين على إطلاع تام بالاجراءات وتكون موحده لآنجاز الخدمة بسرعة ودقة واحترام لمتلقى الخدمة التي يدفع ثمنها، وهذا يتطلب تحديد اولويات تحسين الخدمات تكون بناء على الخدمات الاكثر طلباً من الجمهور.
وتابعت غوشة إن من المعروف عالمياً انه لا يمكن تحقيق نجاح اقتصادي وسياسي واستثماري دون إصلاح إداري ووجود جهاز إداري حكومي يعمل لخدمة متلقى الخدمة بطريقة ممهنجة ومستمرة بالتقييم والتحسين من خلال المراجعة، فالحكومة الأفضل تمتاز بأنها هي التي تعمل مؤسساتها بشكل أفضل بأقل تكلفة وتقدم الخدمة الأجود لمتلقيها وتحقق أفضل النتائج، فالعملية مترابطة تريد استثمار ونجاح إقتصادي هذا يستلزم جهاز حكومي سريع الانجاز.
وأكدت غوشة إن التحول الرقمي اليوم هو ضرورة فكل الاجراءات يجب ان تتم بسرعة وبطريقة الكترونية ولكن بعد مراجعتها لتكون سهلة التطبيق، وحتى نرى أثر حقيقي لتحديث القطاع العام يجب الاستمرار بالتنفيذ الحقيقي والذي يلمس أثره وليس إطلاق برامج واستراتجيات لا تنفذ، وحتى تنجح العملية لابد من التنفيذ والمتابعة والتقييم باستمرار , وان يكون الالتزام بالتحديث إلتزام على كل الجهاز الحكومي من أعلى السلم الوظيفي.






