صدى الشعب – كتبت سوار الصبيحي
ثمة ما هو أقسى من الضياع في الغفلة، أن تضيع وأنت تشهد كل خطوة نحو الغياب..
هذا التحول، حين يكون على مهل وتحت وعيٍ يشبه يقظة الصيّاد، يصبح لعنة الناجي المتأزم. لم يمت، لكن للأسف.. تحول.
ليس تحولا بالمعنى التقليدي، بل تشظٍ مدروس، كأن تنظر لنفسك في المرآة بينما تقشّر جلدك المحروق ببطء وبلا مخدّر، كل شقٍّ يرشح ذاكرة، وكل طبقة تسقط يهمس تحتها صوت يقول: كان ولن ويعود.
لا أتحدث عمن سحبهم التيار، فهؤلاء، لهم في نهاية المطاف عذر الانجراف. بل عن أولئك الذين جذفوا بإحدى اليدين مع الموج، وبالأخرى عكسه، يد ترفض، ويد تخون.
يعيشون التحول لحظة بلحظة، يرونه يكتسح وجوههم في انعكاساتها، يسمعون صوتهم يتقطع وهم يجيبون على سؤال لا يناقش متى انزلقت الملامح الأولى أو كيف..
ولكن: لماذا ننتمي لها الآن، بل وندافع عنها؟
وتحديدا لأنهم كانوا يقظين خلال الرحلة،
فحساب الذات لا يأتيهم كل مدّة كزائر ثقيل، بل كمقيم يعيد ترتيب الأثاث كل ليلة.
هو ليس سقوطا، بل سير واعٍ نحو الهاوية.. خطوة بخطوة، كمن يختار أن يشعل النور احتياطا أثناء انحداره..
يرى كل التفاصيل القبيحة في الطريق، فقط ليقول لاحقا: “كنت منتبهاً..ولم أوقفني.”






