كتبت – المحامية سارة جرادات
في ظلّ الكارثة الإنسانية التي تعصف غزة، تتكثّف حملات التضليل الإعلامي وتتصاعد الحرب الإلكترونية، وهي لا تستهدف الحقيقة بقدر ما تسعى إلى تشتيت الأنظار عن الهدف الأساسي: إغاثة أهلنا في غزة.
في مشهد يعكس أصالة المواقف العربية والإنسانية، يواصل الأردن تقديم المساعدات المتنوعة إلى غزة، رغم الظروف الصعبة والتحديات الإقليمية.
فمنذ سنوات طويلة، لم يتردد الشعب الأردني وقيادته في الوقوف إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين، حيث أُرسلت قوافل الإغاثة المحمّلة بالغذاء والدواء، وأُقيم المستشفى الميداني الأردني داخل غزة ليعالج الجرحى ويمدّ يد العون للمصابين. كما نُفذت عمليات إنزال جوي لإيصال المساعدات العاجلة إلى المناطق المحاصرة، في خطوة نادرة وشجاعة أكدت أن الإنسانية لا تعرف الحدود.
هذا الدور الأردني الإنساني ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لعقود من العلاقات العميقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني. هذه العلاقة تتجلى في النسب والمصاهرة، وفي وحدة الثقافة والهوية المشتركة، وفي الدم الذي امتزج على جبهات القتال دفاعًا عن الحق.
ومع هذا الحضور المؤثر للأردن، يظهر في الفضاء الرقمي ما يُعرف بالحرب الإلكترونية وحملات التضليل الإعلامي، هذه الحملات لا تستهدف الحقيقة بقدر ما تسعى إلى تشويهها، وذلك عبر نشر الأخبار الكاذبة، أو تحريف الصور والفيديوهات، أو إغراق الناس بالمعلومات المتناقضة لزرع الشكوك وتقليل الثقة.
الهدف الأساسي للتضليل هو ضرب الروح المعنوية، وإضعاف الثقة بين الشعوب، وتشتيت الانتباه عن المواقف الحقيقية.
لكن الحقيقة تبقى أقوى من أي تضليل، فالشعوب الواعية تتعلّم كيف تميّز الخبر الصحيح من الزائف، وتدرك أن وراء كل شائعة أجندة تسعى إلى تقسيم الصفوف.
إن العلاقة بين الأردن وفلسطين أعمق من أن تهزّها الإشاعات، إنها علاقة دم ووجدان ومصير مشترك، تتجدد كلما امتدت يدٌ أردنية تحمل الدواء والغذاء لأهل غزة.
وفي زمن كثرت فيه الحملات الإعلامية المضللة، يبقى الخيار الأذكى هو الثبات على القيم الإنسانية والتحقق من الحقائق قبل تبنّي أي رواية.
بهذه الروح، سيبقى الأردنيون والفلسطينيون صفًا واحدًا، يواجهون الألم بالتكافل، والتحديات بالوعي، والتضليل بالحقيقة.






