صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
جرش – من قلب المدينة التاريخية، وعلى مدرجاتها الرومانية العتيقة، انطلقت فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون لعام 2025، في مشهدٍ أعاد التأكيد على أن الأردن، بما يملكه من موروث ثقافي وفني وإنساني، قادرٌ على صياغة محتوى ملتزم، ومشرف، يليق بتاريخه، ويواكب تطلعات أبنائه.
الافتتاح جاء هذا العام تحت رعاية دولة الدكتور جعفر حسان، ثمرة ناضجة لمسار طويل من التجديد والتطوير في بنية المهرجان، حيث قدّمت الليلة الأولى لوحة إبداعية متكاملة، دمجت بين التراث الأردني الأصيل، والتقنيات العصرية، في عروض فنية وثقافية راقية، عكست هوية الأردن، ورسّخت مفهوم الفن الملتزم، البعيد عن الابتذال، والقادر على التأثير والتنوير.
وقد تميزت فقرات الافتتاح بالتنوع والإتقان، إذ عانقت الموسيقى الفلكلورية الأردنية الشعر والمسرح والاستعراض، في تفاعلٍ جذب الجمهور من مختلف الأعمار، ولامس مشاعر الانتماء والاعتزاز الوطني.
وبرز دور إدارة المهرجان، ممثلةً بالمدير العام الأستاذ أيمن سماوي، في صناعة هذا النجاح، من خلال رؤية واضحة تعزز الهوية الثقافية، وتولي أهمية كبرى لصناعة محتوى يحمل رسالة، ويحترم ذائقة المتلقي. حيث بدا جليًا أن مهرجان جرش لم يعد مجرد موسم احتفالي، بل منصة وطنية جامعة، تنسج الفن بالوعي، وتجمع المتعة بالرسالة.
وقد شهد المدرج الشمالي في ليلة الافتتاح حضورًا جماهيريًا واسعًا، في مشهد أكّد توق الناس للفن الرفيع، وللتجارب التي تحترم الذوق العام وتعزز القيم الوطنية. وهو ما يجعل من جرش نموذجًا متفردًا في المشهد الثقافي العربي، لا سيما في ظل طغيان بعض مظاهر المحتوى الهابط في محافل أخرى.
إن مهرجان جرش 2025 لا يمثل فقط احتفاءً بالموسيقى والغناء، بل هو عنوان لعراقة الأردن، وإرثه الحضاري العميق، ورسالة متجددة بأن الأردن، بقيادته الواعية، ومجتمعه الحي، قادر على أن يكون مركزًا لصناعة الفن الهادف، والإبداع المسؤول.
جرش… ليس مهرجانًا فقط، بل وعدٌ ثقافي يتجدد كل عام، ثمرةً طيبةً في بستان الإبداع الأردني.
