صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد، ممثل قطاع الصناعات الكيماوية في غرفة صناعة الأردن، المهندس أحمد البس، أن القطاع يُعد من الأعمدة الأساسية في الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن حجم الإنتاج الإجمالي لقطاع الصناعات الكيماوية يبلغ حوالي 4 مليارات دينار أردني.
وقال البس خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إن هذا الرقم يمثل 25% من الناتج القائم في الصناعات التحويلية، ما يعادل ربع الناتج القائم للقطاع الصناعي في المملكة.
وأضاف أن قطاع الصناعات الكيماوية في الأردن يشمل صناعات متنوعة من أبرزها الأسمدة والكيماويات الزراعية، المنظفات والمعقمات، كيماويات البناء، الدهانات، ومستحضرات التجميل.
وأوضح أن العائد على الاستثمار في هذا القطاع يُعد الأعلى مقارنة بغيره من القطاعات الصناعية، نظرًا لارتفاع القيمة المضافة، حيث إن العديد من الخامات المستخدمة هي خامات محلية.
ولفت إلى أن كل دينار يتم إنتاجه في هذا القطاع يُساهم بـ 40 قرشًا في الناتج القومي، مبينًا أن 79% من استهلاك السوق المحلي من الصناعات الكيماوية يُغطى بمنتجات محلية.
صادرات بـ1.8 مليار دينار إلى 126 دولة
وأشار إلى أن صادرات الأردن من قطاع الصناعات الكيماوية بلغت 1.8 مليار دينار في عام 2024، ما يُشكل 21% من مجمل الصادرات الوطنية.
كما أشار إلى أن الصادرات إلى 126 دولة حول العالم، من أبرزها الهند، العراق، الصين، والسعودية، لافتاً إلى أن القطاع نموًا بنسبة 11% خلال النصف الأول من عام 2025، وذلك نتيجة عدة عوامل، من بينها ارتفاع الأسعار عالميًا، زيادة الطلب على المنتجات، ودعم وتحفيز الحكومة للقطاع.
وبيّن البس أن القطاع الصناعي في الأردن، ومن ضمنه قطاع الصناعات الكيماوية، يعاني من عدد من التحديات، أبرزها ارتفاع كُلفة الطاقة، وتأثير كُلفة النقل خاصة عبر ميناء العقبة ومن خلال البحر الأحمر.
وأشار أيضًا إلى أن ملف العمالة يُعد من التحديات الأساسية، إلا أن قطاع الصناعات الكيماوية يتأثر بدرجة أقل مقارنة بقطاعات أخرى، نظرًا لاعتماده على العمالة الأردنية الماهرة والمتخصصة.
كما نوه إلى وجود تحديات تشريعية تتعلق بالمتطلبات التنظيمية للصناعات الكيماوية، موضحًا أن هذه القضايا مدرجة ضمن خطة رؤية التحديث الاقتصادي، والتي تتضمن مراجعة وتطوير القوانين والأنظمة والتعليمات المؤثرة على القطاع.
خامات طبيعية ومعرفة فنية
وأكد البس أن الصناعات الكيماوية تعتمد بشكل أساسي على الخامات الطبيعية المحلية، بما فيها الخامات البترولية، مشيرًا إلى أن القيمة المضافة في القطاع مبنية على المعرفة الفنية والخبرة التراكمية الأردنية في هذا المجال.
وقال إن عدد الكيماويين والمتخصصين في البحث والإنتاج الكيماوي في الأردن يُعد مرتفعًا، مما يساهم في تعزيز الابتكار والجودة.
ودعا إلى ضرورة التحول نحو الطاقة البديلة لتقليل التكاليف، مشيرًا إلى جهود غرفة صناعة الأردن في هذا المجال، حيث تم تأسيس مركز الطاقة والبيئة المستدامة، والذي يعمل على دعم الصناعيين في قضايا الإنتاج الأخضر والحفاظ على بيئة خالية من الملوثات.
تشريعات بيئية صارمة وتصنيف للانبعاثات
وأشار ممثل القطاع إلى أن الأردن يُعد من أقل الدول تلوثًا للبيئة في المنطقة، حيث أن الانبعاثات الصناعية في المملكة أقل من المخصصات المسموح بها.
وذكر أن هناك نظامًا لتصنيف المصانع حسب انبعاثاتها، وسيتم تطبيق هذا النظام في المستقبل القريب، ما يُعزز الرقابة البيئية.
وأكد أن القوانين والتشريعات الأردنية تضبط العلاقة بين الإنتاج الصناعي والبيئة بشكل دقيق، مما يُقلل من التأثيرات السلبية للقطاع على البيئة.
وأكد البس أهمية دعم الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة* التي تعتمد على خامات الفوسفات والبوتاس، مطالباً بتطبيق القرار الحكومي السابق الذي يُلزم الشركات الكبرى بمنح المصانع المحلية سعرًا تفضيليًا يقل 10% عن السعر العالمي للخامات، لما له من أثر كبير في تعزيز عمل أكثر من 75 شركة صغيرة ومتوسطة تشغّل ما يزيد عن 5000 موظف.
وأشار إلى أن تيسير الحصول على المواد الأولية بأسعار مناسبة سيساهم في توسيع الإنتاج وزيادة البحث العلمي، مضيفًا أن هذه الشركات تمثل ميزة نسبية للاقتصاد الأردني وتُعد جاذبة للاستثمار.
فرص غير مستغلة تتجاوز 1.6 مليار دولار
وتحدث عن وجود فرص غير مستغلة ضخمة في قطاع الصناعات الكيماوية، مستشهدًا بإحصاءات البنك الدولي التي تشير إلى فرص مهدورة تتجاوز 1.6 مليار دولار.
وقال إن الأردن يمتلك خامات طبيعية مثل السيليكا والبنتونايت والكولونايت يمكن تطوير صناعات كيماوية عديدة منها، لافتاً إلى أن تطوير هذه الصناعات يحتاج إلى شركات صغيرة وباحثين، وهو ما تعمل عليه الجهات المعنية حاليًا.
وأوضح أنه سيتم قريبًا إطلاق برنامج بحث علمي مخصص للصناعات الكيماوية من خلال صندوق دعم البحث العلمي، بهدف تطوير المنتجات الحالية وإنتاج أخرى جديدة، مؤكدًا أن البداية دائمًا تكون من خلال الشركات الصغيرة التي تنمو مع الوقت لتلبية حاجات السوق المحلية ثم التوسع نحو التصدير.
أسواق عالمية متعددة وحوافز حكومية
وفيما يتعلق بأسواق التصدير، قال البس إن صادرات الصناعات الكيماوية الأردنية تصل إلى الأسواق الأوروبية، الآسيوية، الأفريقية، الأمريكية، الكندية، واللاتينية، مشددًا على أن هذه الأسواق تمثل فرصًا قوية جدًا للمنتجات الأردنية
وبخصوص الحوافز الحكومية، أشار إلى أن وزارة الصناعة أطلقت “صندوق دعم الصناعة” الذي يتضمن أربعة برامج حوافز، تشمل منحًا غير مستردة للصناعيين بهدف دعم تطوير القدرات الإنتاجية، وتحسين القدرة التنافسية للصادرات الأردنية، مؤكداً أن عددًا من المصانع استفاد من هذه البرامج.
740 منشأة و18 ألف عامل
وأوضح أن عدد المنشآت العاملة في قطاع الصناعات الكيماوية يبلغ حوالي 740 منشأة، تشغّل نحو 17 إلى 18 ألف عامل، منهم ما بين 10 إلى 15% فقط من العمالة الوافدة، فيما يشكل العمال المحليون النسبة الأكبر.
وبيّن أن متوسط رواتب العاملين في القطاع أعلى من غيره من القطاعات، نظرًا لاعتماد الصناعات الكيماوية على الكوادر الفنية ذات الكفاءة العالية.
وأشار إلى أن المهارات الفنية المتوفرة في الأردن في هذا القطاع تُعد من الأفضل على مستوى الشرق الأوسط، وهو ما يمنح القطاع الكيماوي الأردني ميزة تنافسية إضافية في السوق الإقليمي والدولي.
