صدى الشعب – محمد ملص
انتهت مشاركة منتخبنا الوطني للشباب تحت 19 عاما في كأس العالم لكرة السلة 2025 في مدينة لوزان السويسرية بنتائج كارثية، حيث احتل الفريق المركز السادس عشر والأخير دون تحقيق أي فوز، وبأداء باهت يفتقر للروح والهوية التي اعتدنا عليها من كرة السلة الأردنية..
خسر المنتخب جميع مبارياته الست، وبلغ متوسط فارق الخسارة أكثر من 35 نقطة. الخسارة الأكبر جاءت أمام الولايات المتحدة الأمريكية بنتيجة 140 – 67، وهي من أسوأ الهزائم في تاريخ الأردن دوليًا في أي فئة عمرية..
في هذه المباراة تحديدًا، ارتكب لاعبو الأردن 37 خسارة للكرة “تيرن أوفر”، أدت مباشرة لتسجيل الولايات المتحدة 56 نقطة من تلك الأخطاء فقط، أي ما يعادل أكثر من 40% من مجموع نقاطهم. هذه النسبة تعكس غياب التركيز والانسجام في التمرير والخروج بالكرة من الخلف..
في مباراة تحديد المراكز أمام الصين، بدا واضحا عجز الفريق في السيطرة على الريباوند، حيث استحوذ المنتخب الصيني على العديد من المتابعات الهجومية التي تحولت إلى نقاط من الفرصة الثانية، مما أثّر على سير اللقاء بشكل كبير، رغم محاولات منتخبنا المتأخرة لتقليص الفارق..
كما أظهرت الإحصائيات ضعفا في نسبة التسجيل من الرميات الثلاثية، التي لم تتجاوز 20% في أغلب المباريات، إلى جانب معدل مرتفع لخسارة الكرة وعدم القدرة على إنهاء الهجمات بسلاسة تحت الضغط..
تم تعيين الجهاز الفني قبل أقل من شهر من انطلاق البطولة،. وللأسف لم تظهر أي هوية واضحة للفريق في الهجوم أو الدفاع،. واعتمد اللاعبون بشكل كبير على الاجتهاد الفردي دون منظومة جماعية..
كما عجز الفريق عن مجاراة السرعة والقوة البدنية للمنافسين.. مع ضعف في اتخاذ القرار تحت الضغط الدفاعي.
من المهم أن يكون هناك توازن حقيقي بين الاستفادة من اللاعبين الأردنيين المتواجدين في الخارج وبين منح الفرصة الكاملة للمواهب المحلية داخل البلد لتتطور وتكتسب الخبرة على مستواها..
الاعتماد الكلي على اللاعبين المغتربين قد يمنح المنتخب حلولا فورية “لكن للاسف بعض اللاعبين لم يقدموا الاضافة المأمولة لاسباب مختلفة” لكنه يضعف بنية اللعبة على المدى الطويل.. إذا لم يترافق مع برنامج وطني شامل..
ولا يمكن في حال من الأحوال للأكاديميات الخاصة، التي يهمّها الربح بالدرجة الأولى، أن تتحمّل وحدها مسؤولية تطوير اللاعبين.. على الأندية أن تلتزم بتطوير فرق الفئات العمرية وتعيين مدربين مختصين بتكوين اللاعبين، وأن لا يكون الهم فقط تحقيق النتائج على حساب المواهب واضاعة الفرص..
الشكل الحالي لدوريات للفئات العمرية غير كاف لصقل المواهب.. يجب إقامة مباريات أكثر في فئات U14 وU16 وU18 وحتى U21،. وبمشاركة أوسع من مختلف المحافظات وأن لا تقتصر على محافظة بعينها كما ذكر العديد من المتابعين وصفحات كرة السلة المختلفة..
العديد من المناطق في الأردن لا تملك صالات تدريب أو ملاعب صالحة، وهو ما يحرم آلاف المواهب من فرصة التطوير.. المطلوب إنشاء مراكز تدريب إقليمية مجهزة بمدربين متخصصين وأخصائيين بدنيين ونفسيين..
المشاركة في كأس العالم كانت فرصة تاريخية، لكنها تحولت إلى مرآة مؤلمة تعكس واقعًا هشا يحتاج إلى إصلاح جذري.. لا يكفي أن نتأهل.. بل يجب أن نقاتل ونظهر أن الأردن حاضر ليس فقط بالاسم، بل بالمستوى والعزيمة..
كرة السلة الأردنية لا تفتقر للمواهب،. لكنها بحاجة إلى نظام وهيكل وبيئة تدعم تلك المواهب بشكل حقيقي. وإلا، سنبقى ندور في نفس الحلقة،. ونشهد إخفاقًا بعد الآخر..






