صدى الشعب – د.محمد نصرالله فرج
في تطور دراماتيكي لمجريات الصراع الإقليمي، فرضت إيران نفسها كقوة إقليمية ذات أبعاد دولية بعد أن تمكنت من امتصاص الضربة الأولى وشن رد قاس على إسرائيل، ما أدى إلى ارتباك واضح في معسكر الغرب، وتحديدا في مواقف كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو كان يراهن على
إدخال الولايات المتحدة في مواجهة مفتوحة مع إيران، متحدثا في الحرب عن ثلاثة أهداف رئيسية للهجوم، ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتدمير منظومة الصواريخ الباليستية، وتغيير النظام في طهران، تصريحات تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حين قال يجب أن تستسلم إيران دون شروط.
لكن المشهد انقلب تماما بعد الرد الإيراني. فالدولة التي توصف بأنها الأقوى في الشرق الأوسط، إسرائيل، وحليفتها الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، تلقتا ضربة لم تكن في الحسبان، أثبتت من خلالها طهران قدرتها على الوصول إلى العمق الاستراتيجي للكيان الصهيوني، وإلحاق الأذى به.
القيادة الإيرانية، أكدت منذ البداية أنها لم تبدأ الحرب، أظهرت قدرة عالية على إدارة الصراع، لتنتقل من موقع الدفاع إلى موقع التحكم في مساره ونهايته. فمع صمود طهران، اضطر ترامب إلى تغيير مواقفه، معلنا وقف العمليات العسكرية، وموافقة إسرائيل على إنهاء الحرب والطلب من أمير دولة قطر التوسط لإنهاء الحرب.
الرسالة الإيرانية كانت واضحة، لم نبدأ الحرب، لكننا من يملك قرار إنهائها. وهكذا، أجبرت طهران الغرب على مراجعة حساباته، وفرضت واقعا جديدا في معادلة الردع الإقليمي.
في الختام، أصبح من الواضح أن الارتهان للمعسكر الغربي لم يعد خيارا مجديا، كما أن التعويل على المعسكر الشرقي لا يقدم حلولا شاملة. المطلوب الآن هو بلورة مشروع تحالف عربي إسلامي واقعي ومستقل، يجمع الدول العربية الفاعلة مع كل من إيران وتركيا وباكستان، على قاعدة المصالح المشتركة، والتصدي الجماعي للتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.






