صدى الشعب – كتبت الناشطة رانيا حدادين
في دروب الحياة، تمرّ أسماء كثيرة كالغيم في سماء الصيف، لا تترك أثرًا، ولا يُستدل بها على مطر. لكن هناك رجالًا يصنعون التاريخ لا بالكلمات، بل بالمواقف، يُحفرون في ذاكرة الوطن كما تُنقش الحروف على الحجر الصوان، ومن هؤلاء عاطف الطراونة — رجل ليس كبقية الرجال، بل عنوانٌ للثبات في زمن المتغيّرات، ورقمٌ صعب في معادلات السياسة والعمل العام كسياسي عابر، بل كرجل بحجم وطن، صلبٌ كمواطن من حجارة الكرك، نقيّ كهوائها، وعميق الجذور كسنديانها.
لم يكن مجرد نائب أو رئيس مجلس، بل كان حضوراً مختلفاً، له هيبته التي لا تُشترى، واحترامه الذي لا يُفرض بل يُكتسب. في قبة البرلمان، كان صوته صوت العقل، وموقفه مرآة لضمير الأمة. لا يتلون ولا يساير، بل يقف بثبات من يعرف معنى الوطن، ويؤمن أن الرجال يُعرفون عند المواقف، لا عند المصالح. كما يُقال: “الرجل موقف، لا لقب ولا منصب.”
من عرفه عن قرب، عرف رجلاً كريم النفس، أصيل المعشر، يساند بصمت، ويقف بشهامة. مواقف كثيرة لا تُنسى، منها ما عشناه معه شخصياً، ومنها ما سُجل للتاريخ في صفحات الوطن، فكان كما يُقال: “ابن الأصل ما يغيره لا كرسي ولا ظرف.”
هو من أولئك القلائل الذين إن غابوا، بقيت آثارهم تدل عليهم، وإن حضروا، حضر معهم الوطن بكل قيمه. ننتظر عودته بكل محبة، ننتظر ذاك الرجل الذي ما زلنا نرى فيه رمز الحكمة والقوة والتوازن، وندعو له بالشفاء العاجل، ليبقى كما عهدناه: الرقم الصعب الذي لا يُكسر، ورمز الرجولة التي لا تنحني.
ابقَ صامدًا كما عهدناك، فالأردن لا ينسى أبناءه الأوفياء، وقلوب محبيك تلهج بالدعاء أن يمنّ الله عليك بالشفاء العاجل، وأن تعود إلينا أقوى، كما كنت دائماً، سنداً لهذا الوطن وشعبه.






