من المتوقع أن يصل ارتفاع المعروض النقدي في البنوك المركزية إلى 75% خلال العام الحالي، وتحتاج الاقتصادات إلى حلول عاجلة للتعامل مع هذه الزيادة التي قد تستمر بنفس الوتيرة العام القادم، وذلك إثر التداعيات الاقتصادية التي سببها فيروس كورونا المستجد.
في مقال نشرته صحيفة ليزيكو (Les Echos) الفرنسية، قال الكاتب والخبير الاقتصادي باتريك أرتوس إنه في ظل تراجع التضخم المالي، من المتوقع أن يكون الحل الأمثل لامتصاص السيولة النقدية هو زيادة أسعار العقارات.
ويؤكد الكاتب أن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم 37 عضوا، معظمها في القارة الأوروبية، تعيش في الفترة الحالية ارتفاعا هائلا في المعروض النقدي لا سيما بعد تسييل الديون العامة من قبل البنوك المركزية، وهو الأمر الذي زادت من حدته أزمة فيروس كورونا.
ومن المتوقع أن تصل الزيادة في المعروض إلى 75% في العام الجاري، وأن تتواصل خلال العام القادم بالوتيرة ذاتها، بما سيؤدي إلى زيادة احتياطات المصارف لدى البنوك المركزية، وتراكم الأصول النقدية والودائع المصرفية.
ومن أجل خلق التوازن، يقول الكاتب إنه ينبغي أن يزداد الطلب على النقود، إما بزيادة أسعار السلع والخدمات، وإما بزيادة أسعار الأصول والعقارات.
تعتبر العملة ضرورية لشراء السلع والخدمات (الاستهلاك والاستثمار)، وفي هذه الحالة، لكي يتم خلق التوازن مع زيادة المعروض النقدي، ينبغي أن ترتفع الأسعار.
لكن العقبة أمام التوجه الأول، أي زيادة أسعار السلع، هو أن الرابط التقليدي بين المعروض النقدي والتضخم اندثر في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ 30 عاما، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها رقمنة الاقتصاد والمرونة التي باتت تتسم بها أسواق المال.
أما النوع الثاني من الحلول لزيادة الطلب على الأموال، فهو تحفيز الطلب على السندات والأسهم والعقارات، مع زيادة أسعارها وتخفيض نسب الفائدة على المدى الطويل.
ويشير الكاتب إلى أن احتمال انخفاض أسعار الفائدة مجددا يبدو احتمالا صعبا بعد الانخفاض القياسي الذي شهدته في الفترة الماضية، كما أن ارتفاع أسعار الأسهم لا يبدو من الحلول العملية المنتظرة للتعامل مع الأزمة الحالية بسبب الوضع السيئ للشركات التي ترزح تحت وطأة الديون وانخفاض الأرباح.
وتبقى زيادة أسعار العقارات هي الحل الأقرب للتطبيق في المرحلة القادمة، وهو ما سيصب أساسا في صالح مالكي العقارات الذين ستتضاعف ثرواتهم، وسيجعل أولئك الطامحين لامتلاك منزل أمام مأزق حقيقي