صدى الشعب – كتب رئيس التحرير خالد خازر الخريشا
تعد شخصية « غوار الطوشة » الكوميدية التي اشتهر بها الفنان السوري دريد لحام، التي أداها في معظم أعماله الفنية، من الشخصيات الدرامية المهمة في مشواره الفني، وكان «غوار» هو الشخص الذي يرمز للسوري العادي الذي كان يكافح من أجل لقمة عيشه ويتحدث عما يصادفه من مشاكل في حياته لكن «غوار» هذا لم يكن لقمةً سائغة بل كان أيضاً شخصية ساخرة وذكية .
لذلك قال عنه دريد لحام في أحد أحاديثه الصحفية : «غوار» صاحب الطربوش كان مؤذياً لأنه يعتبر نفسه صاحب حق وعليه الدفاع عنه، حتى حصل على قلب ” فطوم حيص بيص ” وأضاف : الناس أحبت «غوار» لأنهم يحبون مشاهدة الضعيف عندما ينتصر على القوي وبالفعل انتصر «غوار» على رئيس المخفر ” أبو كلبشة ” .
وكان دريد يكتب ويخرج ويمثل وينتقد كل ما هو خطأ في المجتمع العربي ويبصر المشاهد بمآسي الإنسان البسيط ، ويجمع في سياق حديثه المصائب والمآسي التي يشعر بها كل عربي ويصعب الحديث عن تجربة الكوميديا العربية دون التطرق إلى اسم مميز، لمع في فضاء دراما الفكاهة العربية وترك فيه بصماته ألواضحة إنه دريد لحام الذي قدم للشاشة العربية العديد من الاعمال الفنية والمسرحية في السنوات الخمسين الأخيرة متنوع بين السياسي والاجتماعي والهموم الوطنية للناس التي لا يعاني منها المجتمع السوري فقط وإنما المجتمع العربي ككل .
أربع شخصيات صنعت غوار الطوشة: دريد لحّام، ونهاد قلعي، ومحمد الماغوط ، وبدرجة أقل، خلدون المالح ولكن في المرحلة الأولى، اللاعب الأكبر في بناء الشخصية كان قُرب نهاد ودريد من الناس، والعفوية والارتجال والتجريب الذي طبع تجربة الثنائي الفريدة .
دريد لحام الذي عرف عنه من الموالين لنظام بشار الاسد لا بل وظهر في مقابلات عدة ينتقد الثوار ، لكنه ظهر في أول مقابلة تلفزيونية له بعد سقوط نظام الأسد، قال فيها أنه لو تجرأ على نقد النظام السوري ” لكنتم تخرجون عظامي من سجن صيدنايا “.
كان لدريد لحام الدور المحوري في فيلم ” الحدود ” ويشكل متابعة منه للنقد اللاذع للواقع السياسي العربي الممزق الذي يجعل المواطن العربي الفاقد لجواز سفره مثلاً بلا قيمة اعتبارية تُذكر وطريداً لا مكان له سوى في الأرض الحرام بين الحدود مهما طال به المقام أو طالت لحيته ، جاء الفيلم ترجمة لحال اللاجئ الفلسطيني الذي نالت قضيته الكثير من الخطابات الرنانة للرسميين العرب الذين أعربوا عن تضامنهم معه دون أن يترجموا الكلمات إلى مواقف .
قبل أيام أثارت تصريحات الفنان السوري دريد لحام ضجة واسعة عبر مواقع التواصل ألاجتماعي بعد اعترافه الصريح “بدولة إسرائيل” الأمر الذي عرّضه لانتقادات لاذعة من قبل المتابعين الذين نعتوه بأقسى العبارات ، ورأى دريد لحام في مقابلة تلفزيونية أن لا داعي للتبجح والحديث عن هذا الموضوع فإسرائيل هي دولة قائمة ومعترف بها من كل دول العالم والحديث عن ازالتها ليس فقط وهم بل جنون .
واستفز موقف الفنان السوري عدداً من المتابعين الذين انهالوا عليه بتعليقات قاسية واصفين إياه بـ “الخائن “، فيما رأى أحدهم أنه أنهى مسيرته التاريخية في أسفل السافلين على حد تعبيره وكتب آخر أن دريد لحام اختتم مشواره العظيم بسقوط عظيم، وعلّق آخر بأن لحام أسقط تاريخه بأكمله بعد أن كان بمثابة الرمز للعروبة والوطنية .