الزراعة لـ”صدى الشعب”: 150 مدرسة إرشادية استفاد منها 3000 مزارع خلال عامين
العوران: “أربعينية الشتاء”مرحلة مهمة للمزارعين ومفتاح الموسم
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة بدأ أول من أمس السبت أولى أيام الانقلاب الشتوي، الذي يُعرف في الثقافة الشعبية بـ”المربعانية”، والتي تعرف بها الأكثر برودة بفصل الشتاء وخلال العام.
ووفقاً للحسابات الفلكية، يمتد فصل الشتاء على مدار أربعين يوماً تبدأ من 21 ديسمبر وتستمر حتى نهاية يناير، وتشهد خلالها البلاد أكثر الأيام برودة وهطولاً للأمطار، وذلك بالتزامن مع الانقلاب الشتوي.
ويلي “المربعانية” فترة “خمسينية الشتاء” المعروفة محلياً باسم “السعود”، والتي تنقسم إلى أربعة مراحل تحمل تسميات خاصة هي: “سعد الذابح”، “سعد بلع”، “سعد السعود”، و”سعد الخبايا”.
وعلى الصعيد الزراعي، يعتبر المزارعون المربعانية فترة ذات أهمية كبيرة، حيث تساهم في ري الأراضي الزراعية وتوفير الرطوبة اللازمة للنباتات، ومع أن هذه الفترة قد تحمل بعض المخاوف المتعلقة بالبرد القارس والانجماد، إلا أن لها فوائد جليّة على المحاصيل، خاصة على الأشجار المثمرة مثل التفاح واللوز.
وبهذا الشأن أكد مختصون في الشأن الزراعي أن فترة المربعانية، تعد من أبرز مراحل الشتاء التي تشهد انخفاضًا ملحوظًا في درجات الحرارة وزيادة في الأمطار نتيجة للمنخفضات الجوية.
وأشاروا الى ان المزارعين يولون اهتماماً كبيرا للمربعانية والتي تشكل 40% من فصل الشتاء، لافتين الى ان هنالك العديد من المخاوف من قبل المزارعين حول تشكل الصقيع والذي يتسبب بضرر للزراعات.
وأوضحوا خلال حديثه لـ “صدى الشعب” أن الصقيع خلال المربعانية يشكل خطرًا كبيرًا على المحاصيل، خاصة في المناطق التي تشهد درجات حرارة منخفضة بشكل غير طبيعي، وأوصوا باتباع بعض الإجراءات الوقائية مثل الري بعد منتصف الليل للحد من تأثيرات الصقيع.
إلى ذلك أكد مساعد الأمين العام للإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة المهندس بكر البلاونة، أن المربعانية تعتبر أحد أبرز فترات الشتاء، والتي تمتد ل40 يومًا، تبدأ في 20 ديسمبر وتنتهي في 1 فبراير.
وأوضح البلاونة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن هذه الفترة تشهد عادةً انخفاضًا في درجات الحرارة وغزارة في الأمطار نتيجة المنخفضات الجوية التي تميز هذه الفترة.
وأشار إلى انه خلال السنوات الخمس الأخيرة، أصبحت آثار التغير المناخي أكثر وضوحًا، وأدى ذلك إلى تأخير بداية الموسم المطري، وأصبح الموسم الشتوي، في كثير من الأحيان، يبدأ في وقت لاحق، أي مع بداية المربعانية أو حتى بعدها، مشيراً إلى أن هذه التغيرات كانت لها آثار كبيرة على الموسم الزراعي، مما دفع المزارعين إلى تعديل ممارساتهم الزراعية ليتكيفوا مع هذا التغيير.
وأوضح أنه في ظل هذه التغيرات المناخية، أصبح المزارعون أكثر وعيًا بأهمية مراقبة أنماط الطقس، خصوصًا أن التغيرات الحاصلة أثرت بشكل كبير على توقيت الأمطار، مما دفعهم إلى تعديل استراتيجياتهم الزراعية، على سبيل المثال، كان المزارعون في الماضي يزرعون المحاصيل البعلية مثل القمح والشعير والعدس في نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر، حيث كان موسم الأمطار يتزامن مع هذه الفترة، ولكن في الوقت الحاضر، بدأ العديد من المزارعين بتأخير زراعة هذه المحاصيل حتى بداية المربعانية لتفادي الانقطاع المطري أو تأخر الأمطار عن موعدها المعتاد.
ولمواجهة تحديات التغير المناخي، أوضح أن وزارة الزراعة قد اتخذت عددًا من الإجراءات الهادفة لتخفيف آثار هذا التغير على القطاع الزراعي، لافتاً أنه من أبرز هذه الإجراءات نشر تقنيات الزراعة الحديثة التي تعتمد على أنظمة ري متطورة مرتبطة بالاحتياج المائي الفعلي للمحاصيل الزراعية، مشيراً أنه تعد هذه الأنظمة جزءًا من جهود الوزارة لتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل شح الموارد المائية في المملكة.
وأكد أن وزارة الزراعة عملت على توفير تقنيات ري مبتكرة تتراوح في تكلفتها بما يتناسب مع الإمكانيات المختلفة للمزارعين، من صغار ومتوسطي وكبار المزارعين، وبالنسبة للمزارعين الكبار الذين يملكون القدرة على الاستثمار في تقنيات حديثة ذات كفاءة عالية، فإن الوزارة تشجعهم على استخدام أنظمة ري متطورة توفر المياه وتزيد من إنتاجيتهم، أما بالنسبة لصغار المزارعين والمتوسطين، فقد حرصت الوزارة على نشر الوعي وتوفير أنظمة ري بسيطة وبأسعار معقولة، وهو ما يساهم في تقليل استهلاك المياه وتحسين الإنتاجية.
وأشار البلاونة إلى أن وزارة الزراعة عقدت في عامي 2023 و2024 بتنفيذ أكثر من 150 مدرسة ارشادية للمزارعين في مختلف مناطق المملكة، استفاد منها نحو 3000 مزارع حيث ركزت هذه المدارس على تطبيقات الزراعة الذكية مناخيًا، التي تعتمد بشكل أساسي على استخدام أنظمة ري موفرة للمياه وأخرى حديثة تتناسب مع الاحتياجات المحلية، والتي تمثل أداة فعالة في مواجهة تحديات التغير المناخي.
وأوضح أن الأردن يعتمد بشكل رئيسي على الأمطار كمصدر رئيسي للمياه، في ظل ندرة المصادر المائية الطبيعية مثل الأنهار والبحيرات، لذلك، فإن التغيرات في أنماط الأمطار تشكل تهديدًا كبيرًا على القطاع الزراعي، مؤكداً على أن الوزارة حرصت على تطوير استراتيجيات تعتمد على توفير المياه بشكل أكثر فعالية باستخدام تقنيات الزراعة الذكية التي تسهم في تحسين إدارة الموارد المائية.
وفيما يتعلق بالآثار السلبية للمربعانية على المحاصيل الزراعية، أكد أنه يمكن حدوث صقيع شديد، وهو ما يمثل خطرًا على المحاصيل الزراعية، خصوصًا في بعض المناطق التي تشهد درجات حرارة منخفضة بشكل غير طبيعي.
وأشار إلى أن الصقيع يعد أحد أخطر التحديات التي قد تواجه المزارعين في فصل الشتاء، وأنه رغم أنه لا توجد حلول عالمية لمكافحة الصقيع بشكل كامل، إلا أن هناك بعض الإجراءات الوقائية التي يمكن أن تخفف من تأثيراته.
وأوضح أنه في الزراعة المحمية، مثل البيوت البلاستيكية، توصي الوزارة المزارعين بإغلاق أبواب التهوية في فترة ما بعد الظهر للحفاظ على محتوى الحرارة داخل البيوت البلاستيكية.
وأضاف أنه في حال حدوث الصقيع، فإن ري النباتات بعد منتصف الليل بكميات معقولة يساعد على زيادة مخزون الماء في الخلايا النباتية، مما يقلل من تأثير الصقيع.
كما أوصى المزارعين في الزراعة المكشوفة باستخدام نفس أسلوب الري بعد منتصف الليل لتقليل تأثير الصقيع على المحاصيل.
أما بالنسبة لمربي الثروة الحيوانية، فقد نصح بضرورة تأمين أماكن مبيت المواشي في حظائر محكمة الإغلاق تحميها من الرياح الباردة، مشيراً إلى أن هذه الفترة تمثل مرحلة حساسة بالنسبة للمواشي، خاصة الأمهات التي على وشك الولادة أو التي قد تكون في مرحلة ما بعد الولادة، حيث تحتاج إلى عناية خاصة للحفاظ على صحتها وصحة مواليدها، مؤكداً على أهمية تدفئة الحظائر لضمان حماية المواشي من الأمراض الناتجة عن البرد.
وفيما يخص مربي النحل، أشار إلى أهمية إحكام إغلاق خلايا النحل بشكل جيد لحمايتها من الرياح الباردة والمطر، كما أوصى بتوفير مظلات لحماية الخلايا من المياه والأمطار، لافتاً إلى أن درجات الحرارة المناسبة داخل الخلايا تعد أساسية لضمان صحة النحل وإنتاجه.
وأكد أن وزارة الزراعة تواصل جهودها في تدريب المزارعين على تطبيقات الزراعة الذكية ومواجهة التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية، موضحًا أن الوزارة قدمت أكثر من 100 دورة تدريبية خلال العامين الماضيين لتعليم المزارعين كيفية التعامل مع المياه بشكل أكثر كفاءة، مما يساهم في تحسين استدامة الإنتاج الزراعي في المملكة. من جهته أكد مدير عام اتحاد المزارعين في الأردن، محمود العوران، على أهمية فصل الشتاء والمربعانية بشكل خاص للمزارعين، مشيراً إلى أن القطاع الزراعي بشكل عام يهتم بكل فصول الشتاء بدءاً من الخريف وحتى خمسينية الشتاء.
وأوضح العوران خلال حديثه لصدى الشعب أن الاهتمام يختلف حسب نوع المحاصيل الزراعية، حيث يولي مزارعو المحاصيل الحقلية اهتماماً كبيراً مع بداية الخريف، خاصةً مع توقع هطول الأمطار، حتى وإن كانت بنسبة 25% فقط من الموسم.
وأوضح أن “أربعينية الشتاء” تمثل مرحلة مهمة للمزارعين، حيث تشكل 40% من فصل الشتاء، معرباً عن تفاؤله بعد تلقي مؤشرات إيجابية من الأرصاد الجوية تفيد بأن شهري كانون الثاني وشباط سيكونان أعلى من المعدل، بينما سيكون شهر آذار أقل من المعدل.
وفيما يخص الحصاد المائي، أشار العوران إلى أن منطقة وادي الأردن، التي تعتمد على الري من خلال سد الملك طلال، تواجه أخطاراً نتيجة لانحباس الأمطار، مؤكداً أن الاهتمام بالحصاد المائي أمر بالغ الأهمية.
كما دعا إلى ضرورة تتبع المساقط المائي في المناطق الشرقية، خاصةً مع ملاحظة زحف الأمطار في تلك المناطق.
وأضاف أن المزارعين يجب عليهم تهيئة أراضيهم، خاصة في المحاصيل الحقلية، مشدداً على أهمية استخدام الأسمدة العضوية وتوفيرها للمزارعين لضمان موسم زراعي أفضل، شريطة توافر مياه الأمطار.
ولفت العوران إلى ضرورة تعاون الجهات الرسمية مع سوريا لتحقيق مصلحة الأردن في الحصول على حصة عادلة من مياه سد الوحدة.
وأكد على أهمية متابعة النشرات الجوية من قبل المزارعين، مشيراً إلى أن ذلك يساهم في تعزيز التفاؤل والتخطيط السليم للموسم الزراعي.
وفيما يتعلق بالثروة الحيوانية، أشار العوران إلى أن هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات تأثراً في هذا الوقت من العام بسبب غياب المراعي، مما يضطر مربي الثروة الحيوانية للاعتماد على الأعلاف الجافة مثل النخالة والشعير.
ولفت إلى أن هذا الاعتماد يمكن أن يؤدي إلى ظهور بعض الأوبئة والأمراض في المواشي، كما يؤثر سلباً على تكلفة الإنتاج.