صدى الشعب – لا يخفى على أحد أن سيطرة فصائل المعارضة السورية على مدينة حلب وما حولها لم يقاوم بأية قوة حقيقية، إذ فر عناصر النظام السوري والميليشيات الإيرانية بعدما تركوا أسلحتهم، وهذا ما وثقته عشرات التسجيلات المصورة التي انتشرت منذ مساء الجمعة الماضي.
أما جوياً، شن طيران الحكومة السورية غارات جوية على مدينة حلب، قبل أن تتمكن الفصائل المسلحة من إسقاط إحدى تلك الطائرات، لتشن روسيا لاحقاً غارات جوية على مدينتي حلب وإدلب مخلفة نحو 22 قتيلاً وعشرات الجرحى، إلا أن ذلك لا يقارن بالتدخل الروسي في سوريا بعد 2015، ولا يمنع فصائل المعارضة من التقدم نحو حماة التي تقع بين الساحل السوري ودمشق.
وقوف روسي
وعن الموقف الروسي من الأحداث في سوريا، قال الباحث في الشؤون الروسية نزار البوش، إن “الدعم الروسي لسوريا مستمر كما هو، وموسكو ستقف إلى جانب دمشق في هذه الأحداث”، وأضاف أن “روسيا تدخلت في سوريا عام 2015 وتمكنت من قلب المعادلة وتحقيق انتصار للحكومة السورية، وستتدخل ضد التنظيمات الإرهابية التي تحاول قلب نظام الحكم في سوريا”.
وعن إمكانية سقوط ضحايا مدنيين جراء استهداف المسلحين في مدينة حلب المكتظة بالسكان، ذكر البوش “أينما كان المسلحون سيتم ضربهم”.
وعد محدود
أما الباحث السياسي الروسي ديمتري بريكع، يرى أن “برود الموقف الروسي حيال الهجوم الحاصل في حلب وريفها واضح بالفعل ويشير إلى الأزمة السياسية الحاصلة في سوريا، التي حاولت وتحاول موسكو حلها مع تطبيق الحل السياسي”.
مصدر روسي مقرب من الكرملين، قال في تصريح خاص إن “رئيس النظام السوري بشار أسد وصل إلى موسكو صباح الخميس الماضي، بعد نحو 24 ساعة على انطلاق المعارك في ريف حلب الغربي، لكن برنامج الرئيس فلاديمير بوتين لم يكن ليسمح بعقد لقاء معه وتأجل اللقاء إلى ظهر الجمعة، قبل أن يطلب الأسد من بوتين تقديم مساعدة عسكرية عاجلة لمنع تقدم الإرهابيين واحتلال حلب ومناطق أخرى، إلا أن الرئيس بوتين وعده بإرسال (ما يمكن إرساله)، دون أن يعطيه وعداً بالتدخل الكامل كما حصل في 2015، وبعد اللقاء عاد الرئيس السوري إلى دمشق مساء الجمعة الماضي”
وأضاف المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أنه “في يومي الجمعة والسبت عقدت في موسكو اجتماعات أمنية عدة، كان هناك رأيان أساسان، الأول دعا إلى سحق المعارضة السورية بالكامل واستعادة حلب وإدلب أيضاً، وفرض سيطرة دمشق على كامل الأراضي السورية، أما الرأي الثاني فكان يقترح عدم التدخل الجدي لمصلحة الحكومة، لأن هذا مكلف لروسيا من جهة، وقد يهدد مصالحها من جهة ثانية، لذلك يتجه الموقف الروسي حتى الآن إلى التدخل المحدود”.
أسباب تمنع التدخل الواسع
المصدر أوضح أن “لدى روسيا أسباباً تمنعها من التدخل بقوة، أولها أن القوات الروسية سحبت الكثير من عتادها العسكري من سوريا بعد الحرب الأوكرانية، ثانياً فتح جبهة جديدة في سوريا سيؤدي إلى ضعف الجبهة الأوكرانية، وكييف أهم من دمشق بالنسبة إلى موسكو، ثم ثالثاً تريد روسيا الحفاظ على مصالحها في سوريا في حال استطاعت المعارضة إسقاط النظام، لأن الروس يعتقدون أن بإمكانهم الاتفاق معها وهذه ميزة لروسيا لا تحظى بها إيران، لذلك تريد طهران حلاً عسكرياً لأن المعارضة السورية ستقبل مثل هذا الاتفاق وسترفضه مع طهران بأي شكل من الأشكال، والسبب في ذلك أن موسكو ليس لها أهداف لإحداث تغيير ديموغرافي في سوريا بخلاف طهران”.
(اندبندنت عربية)