صدى الشعب – أسيل جمال الطراونة
الهجرة الخارجية للشباب ظاهرة متزايدة باتت تلقي بظلالها على مجتمعاتنا ، وتحمل في طياتها أحلاماً بالتغيير والبحث عن فرص أفضل لكنها تترك خلفها تساؤلات عميقة حول الأسباب والتحديات، وما بين الأمل في بناء مستقبل ناجح في الخارج والخوف من خسارة العقول والكفاءات المحلية تبرز هذه القضية كواحدة من أهم التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الدول في وقت يحلم فيه الشباب بمستقبل أفضل وفرص عمل مناسبة ، يدفعهم الواقع المحلي في كثير من الأحيان إلى البحث عن آفاق جديدة خارج حدود الوطن، لكن هذه الظاهرة لا تأتي دون ثمن حيث تحمل في طياتها تحديات اقتصادية واجتماعية تؤثر بشكل مباشر على بنية المجتمعات.
وحول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة، وما أثرها على المجتمعات المستقبلة، يقول الشاب أحمد سالم أحد المهاجرين إلى دول الخليج لـ”صدى الشعب” إن ما دفعه للهجرة، هو قلة فرص العمل، فعندما تخرج من الجامعة كأي شاب باحثاً وساعياً لإيجاد فرصة عمل تناسبه ويستطيع من خلالها أن يعيش حياة كريمة ، وبعد 7 سنوات من تخرجه وعمله بمجال بعيد كليا عن تخصصه قرر، أن يهاجر املا بإيجاد فرصة عمل في مجال تخصصه وأن يصنع مستقبل أفضل لنفسه.
بدوره، قال أستاذ علم اجتماع الدكتور حسين الخزاعي لـ (صدى الشعب) إن السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب للهجرة إلى الخارج، هو عدم قدرة الشباب على تكوين أنفسهم وعلى توظيف قدراتهم التعليمية والجسدية والمهنية في الداخل، مشيرا إلى أن معدل البطالة العالي في الأردن، هو الذي يجعل الشباب يفكرون بالهجرة إلى الخارج، بسبب عدم قدرتهم على تحقيق طموحاتهم، وأحلامهم، وذاتهم والمستقبل الذي لطالما رسموه وهذا هو أهم سبب ودافع يجعل الشباب والفتيات ايضا التفكير بالهجرة إلى الخارج.
كما أشار الخزاعي أن نسبة الفتيات الراغبات بالهجرة تبلغ ٣٩% ونسبة الشباب ٤٨ % وهي أحدث الدراسات في المجتمع الأردني كما وضح الخزاعي أن من الأسباب الاخرى المؤدية لهجرة الشباب الى الخارج الشعور بالعجز فشعور الشباب بالعجز أمام اهلهم وافرادهم وأقاربهم يجعلهم يفكرون بالهجرة ما ينتج عن هذا الشعور عدم تطور او تقدم والوقوف بنفس المكان مما جعلهم يتأكدوا من قرار الهجرة.
كما أكد الخزاعي، أن معدلات البطالة المرتفعة والمخيفة هي من أهم واكثر الأسباب التي تسبب بهجرة الشباب ، بالإضافة الى عدم تغير الاوضاع في الأردن منذ سنوات طويلة لا زالت الاردن تعاني من الفقر والبطالة لهذا السبب يلجأ الشباب الى الهجرة بسبب عدم وجود حلول او تغيرات او تطورات في بلدهم وبين أهلهم.
من جهتها، تقول الدكتورة ريم جعفر أخصائية نفسية، يعتبر موضوع هجرة الشباب الأردني مسألة يجب العمل على حلها، حيث ان نسبه ما يقارب ٤٨ يرغبون بالهجرة ، وتشير إلى أن سبب ذلك يعود لرغبه الشباب في تحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام ، فما يعانيه الشاب الاردني من عدم توفر فرص العمل بالاضافة لعدم الشعور بالامان الوظيفي و الحمايات الاجتماعية بالاضافه الى انخفاض المردود المادي و تأكله ايضا بسبب الضرائب المرتفعه .
عندما ننظر بعمق الى هذه الظاهرة نجد ان تأثيرها كبير على نمو المجتمع المحلي ، فإن هجرة كفاءات الوطن سعياً لتحسين مستوى معيشتهم و بحثهم عن الراحة و رغد العيش ، يؤثر في تفريغ المؤسسات المحلية و استنزافها.
وأكدت الدكتورة ريم جعفر أنه يجب العمل على تدارك هذه الظاهرة ومحاوله تلبية متطلبات شباب الوطن سعياً للحفاظ عليهم وهم الاحق بوطنهم .
من جهة اخرى، تقول جعفر أن هناك الكثير من المشاكل التي يسعى الشباب حلها من خلال الهجرة و هي تقدير كفاءاتهم والحصول على بيئة تساعد في تطورهم وتلبية طموحاتهم المستقبلية.
وتؤكد انه يجب علينا الانطلاق بالبحث عن حلول للحد من هذه الظاهرة حيث يجب بداية توسيع فرص العمل للشباب في مقتبل العمر و الخريجين الجدد ، و تسليط الضوء على الكفاءات الاردنيه و الخبرات ومحاوله تقدیرها و الاستفاده منها لخدمة الوطن ، فضلا عن وضعها في المكان المناسب من جهه اخرى، يجب ان تعمل الادارات الحكومية على تعديل قوانين العمل بما يضمن الامان الوظيفي للشباب ، أيضا من ما نرى بالمجتمع ان الشباب يشعرون بالضغط المادي و عدم كفايه الدخل بالنسبه للمصروف ويعود ذلك لغلاء المعيشه مما يدفعنا للنظر عن كتب عما يحدث من فجوة بين ما يحصل عليه الشباب من رواتب مقابل ما يلزم لتلبيه ظروف المعيشة الكريمة.
من ناحية نفسية فإن الضغط الحاصل على الشباب بالمجتمع من معظم النواحي التي ذكرنا سابقاً يجعل الهجرة هي الحل الأنسب للتخلص من عبئ نفسي كبير بسبب الشعور بمحدودية الفرص في بلدهم و تعرضهم للقمع بالطموح والرغبة بالتطور.