صدى الشعب – أكد أستاذ القانون الدستوري، الدكتور ليث نصراوين أن تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة، فيها من الميزات ما فيها، علاوة على زيادة عددها عطفاً على ما لحق بمجلس النواب من زيادة.
وقال نصراوين في مقالٍ له اليوم الأحد، أن الإرادة الملكية التي صدرت بإعادة تشكيل مجلس الأعيان وتعيين رئيس جديد له وفق أحكام الدستور، و التي تزامنت بصدور أمر ملكي بحل المجلس السابق واختيار أعضاء جدد ليشكلوا مع النواب المنتخبين مجلس الأمة في السلطة التشريعية.
و أضاف نصراوين: “إن أهم ما يميز تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة أن العدد الكلي لأعضائه قد ارتفع إلى (69) عضوا، وذلك في ضوء الزيادة التي طرأت على أعضاء مجلس النواب العشرين كما قررها قانون الانتخاب النافذ لعام 2022 بما مجموعه (138) نائباً.
و نوه نصراوين مُعرجاً على المادة (63) من الدستور والتي تنص صراحة على أن يتألف مجلس الأعيان بما فيه الرئيس من عدد ﻻ يتجاوز نصف عدد مجلس النواب، بالتالي فقد استمرت الممارسة الدستورية القائمة على تعيين نصف العدد الإجمالي لمجلس النواب تحديدا أعضاء في مجلس الأعيان، حيث يدخل ضمن هذا العدد رئيس المجلس الذي يجري تعيينه ابتداءً عضواً مع باقي الأعضاء، ومن ثم تصدر بحقه إرادة ملكية سامية باختياره رئيساً لمجلس الأعيان لمدة سنتين شمسيتين، ويجوز إعادة تعيينه.
إن تعيين الحد الأعلى من أعضاء مجلس الأعيان له جانبان؛ الأول أنه يسمح دستوريا ببقاء المجلس قائما في حال حصول أي نقص في أعضائه لأسباب مختلفة كالوفاة أو الاستقالة، حيث تعددت خلال السنوات الماضية الحالات التي قام فيها عدد من الأعيان بتقديم استقالاتهم الخطية من المجلس للانضمام إلى السلطة التنفيذية، فالنهج الذي خطه رئيس الوزراء السابق بشر الخصاونة المتمثل بالاستعانة بمجموعة من الأعيان ليكونوا وزراء في حكومته في عام 2020، قد استمر عليه الرئيس الحالي الذي قام بتوزير خمس شخصيات من مجلس الأعيان المنحل في عام 2024.
و أكمل نصراوين، في المقابل، فإن تعيين نصف عدد النواب تحديدا في مجلس الأعيان يجعل من نسبة الأعيان المعينين إلى عدد أعضاء مجلس الأمة في الجلسة المشتركة الثلث، حيث يشترط المشرع الدستوري لصدور القرارات فيها موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين وذلك عملا بأحكام المادة (92) من الدستور، فأعضاء مجلس الأعيان قادرون على اسقاط أي مشروع قانون إذا أجمعوا على رفضه، ما لم يصوت مجلس النواب بالإجماع على الموافقة عليه وذلك لتحقيق الأكثرية المطلوبة دستوريا لصدور القرارات عن الجلسة المشتركة.
و ختم نصراوين: “ومن خلال استعراض أسماء الذوات الذين جرى تعيينهم في مجلس الأعيان، نجد بأنه قد تقرر تجديد الثقة بعدد من الأعيان السابقين مع إضافة شخوص جديدة من فئات وخلفيات مختلفة. وهنا يثور التساؤل الدستوري الأبرز حول نطاق الاحتكام إلى المادة (64) من الدستور التي تحدد فئاتا بعينها يمكن أن يتم الاختيار منها أعضاء في مجلس الأعيان، والتي تشمل “رؤساء الوزراء والوزراء السابقين والذين شغلوا مناصب قيادية، ورؤساء مجلس النواب، ورؤساء وقضاة محكمة التمييز، والمحكمة الإدارية العليا، والمحكمة العليا الشرعية، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، والضباط المتقاعدين من رتبة لواء فصاعدا، والنواب السابقين الذين انتخبوا للنيابة لا أقل من مرتين”.
إن هذا التعداد الذي أورده المشرع الدستوري للفئات التي يمكن أن يتم تعيينها أعضاء في مجلس الأعيان ليس على سبيل الحصر، إذ ألحق به حكما عاما مرسلا يحيز تعيين كل من ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن في مجلس الأعيان.
ولا يمكن القول بأن المشرع الدستوري قد قصد من تحديد فئات وظيفية معينة أعطائها الأولوية في التعيين؛ فجلالة الملك غير ملزم دستوريا باختيار الأعيان من الفئات الوظيفية المحددة أعلاه ومن ثم الانتقال إلى تطبيق المعيار العام الواسع وانتقاء الشخصيات الحائزة على ثقة الشعب والمعروفة بخدماتها للوطن والأمة. والدليل على ذلك أن مجلس الأعيان الجديد يضم خمسة رؤساء وزراء سابقين فقط من مجموع الرؤساء الذين تعاقبوا على الدولة الأردنية منذ عهد جلالة الملك عبد الله الثاني في عام 1999، وأن هناك فئات قد وردت في المادة (64) من الدستور لم يجر تمثيلها في المجلس الجديد.
إن اختيار أعضاء مجلس الأعيان يبقى حقا دستورياً خالصا لجلالة الملك يمارسه بإرادة ملكية منفردة عملا بأحكم المادة (40/2) من الدستور، وهو الحكم ذاته الذي ينسحب على حل المجلس وتعيين رئيسه. فهذه الصلاحيات جميعها قد قرر المشرع الدستوري اسنادها لجلالة الملك وحده دون تدخل من رئيس الوزراء أو أي من الوزراء في حكومته.