تقف مطولا عند أبناء حي الطفايلة في عمان، وهم الذين يقدمون نموذجا مشرفا، يجعلنا نشعر بالامتنان لهم، والفخر بهم أيضا، نموذج يستحق التقدير والاحترام في الأردن وفلسطين.
قبل أيام تطلق إذاعة حسنى وبالتعاون مع نقابة المهندسين ونقابة المقاولين الأردنيين، حملة تحت عنوان “غزة معا ننصرها 3” لإرسال خيم إلى النازحين في غزة، ضمن حملات الإذاعة لمناصرة الغزيين، ويأتي أبناء حي الطفايلة في عمان ويتبرعون بمبلغ 125 ألف دينار لتأمين إرسال 500 خيمة إلى أبناء قطاع غزة، في موقف لا يمكن أن ينسى لأبناء الطفيلة في عمان، والطفيلة أيضا، وهم الذين كانوا قد تبرعوا سابقا بمبلغ 50 ألف دينار لأبناء قطاع غزة عبر حملة “إفطاركم علينا” خلال شهر رمضان الماضي عبر أثير إذاعة حسنى وذلك لتأمين إفطارات لأهلنا في قطاع غزة من خلال وقف “ثريد” الذي يبدع في العمل الخيري في الأردن وفلسطين أيضا، وذلك بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الهاشمية، التي لها قصتها الخاصة أيضا في قطاع غزة، وهي قصص نجاح تفوقت من خلالها المؤسسات الأردنية، بدعم الناس.
لكن نموذج أبناء الطفيلة فريد حقا، على كل المستويات، أمام هذه النزعة الوطنية والدينية والإنسانية، التي رايناها منهم طوال سنة الحرب، وبالتأكيد هم أحسن منا جميعا.
الأردنيون في قصة غزة لهم مواقف كثيرة، وما خفي كان عظيما، لأن أغلب الأردنيين لا يشهرون أي تبرع، عبر أي جهة أو مؤسسة أو حتى بشكل مباشر، حتى يبقى الخير مكتوما، ولربما المؤسسات الأردنية المحترفة أكثر ضمانة في إيصال المساعدات من أي جهات قد تدخل على الخط، وقد تتعرض لمشاكل فنية أو لوجستية، أو أي نوع من المشاكل هنا.
حين نرى تكية أم علي وهي التي أطلقت كل هذه الحملات خلال حرب غزة، نقف أمامها أيضا بتقدير واحترام، حيث تبرع الأردنيون بمبالغ كبيرة، بكل ثقة للتكية لحملات الطرود الغذائية التي ما تزال متواصلة ضمن حملة “لاجلك يا غزة” ، وأغطية الشتاء، ومعاطف الأطفال، مع قرب الشتاء، وهي حملات ما تزال مستمرة ومتواصلة لمن يرغب بالمشاركة بها، وتستحق الدعم والتبرع، وهي حملات تتنوع أكثر أيضا على صعيد الأردن وحملات الشتاء، وكفالات الفقراء، وطرود الخير وغير ذلك، عبر مؤسسة محترفة بإدارتها وفريقها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
النموذج الشعبي الأردني نموذج فريد بين العرب في قصة ميله الشديد إلى العمل الخيري وحبه لفلسطين إذ على الرغم من الأوضاع المالية الصعبة، يميل الناس بشدة إلى التبرع لوجه الله، والقصة كلها ترتبط بالثقة، وحاجة الأردني لجهة يثق بعملها، ولحظتها سنجده كريما دون فخر أو ادعاء، والقصص التي نسمعها عن التبرعات من أبناء العائلات والعشائر، وما تتلقاه المؤسسات من دعم شعبي، ورسمي أيضا، قصص تجعلنا نقدر عاليا كل ما يتم فعله، تاركين النقص والانتقاص لغيرنا في ظل محنة مؤلمة ودموية، تركت أيضا حملا ثقيلا جدا على المؤسسات الرسمية الأردنية التي تواصل إرسال القوافل والتبرعات والأدوية والأغذية، ولا تنتظر أصلا شهادة من أحد، لأن المذبحة الجارية تغطي على كل شيء، حيث أن الميقات ليس ميقاتا لتسجيل المواقف أو المن أو طلب شهادات حسن السلوك، أو تحميل الجمائل.
حين تقرأ التقارير عن غزة، تدرك أننا قد نكون بحاجة إلى حملتين جديدتين في الأردن لصالح غزة، لعل جهة ما تتبنى أحدهما أو كليهما، الأولى حملة شعبية لجمع المال لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، لمساعدة الغزيين، وحملة شعبية ثانية من أجل التعامل مع ملف الايتام وقد أصبحوا بعشرات الآلاف، وتم هدم مبرات الأيتام في القطاع، وهذا ملف شائك جدا خصوصا، في ظل الحاجة إلى داتا المعلومات حول وضع الأيتام، وأين يقيمون؟.
الأردن قد يبدو فقيرا، أو محدودا بمساحته الجغرافية، ومثقل بهمومه والأعباء فوق كتفيه، لكنه كان وسيبقى بأهله جميعا، كبيرا، وسراجا في هذه المنطقة من بلاد الشام التي تتعرض لكل هذه الويلات، فيقف البلد الفقير مع فلسطين، ولبنان، ودول ثانية، ويقدم أهله جميعا نموذجا شعبيا فريدا للمروءة والخير بما يتطابق مع معدنهم وتاريخهم، ومعدن وتاريخ الآباء والأجداد.
اهل الاردن يقدمون نموذجهم الفريد والخاص بهم، ولا يهمهم اي جحود او انتقاص.