في السنوات الأخيرة، أصبح دور المستثمرين المحليين أقل أهمية بالنسبة لنا بالرغم من أن هؤلاء الأفراد والشركات لهم دور كبير في اقتصادنا فهم لا يسهمون فقط في خلق الوظائف والابتكار، بل يساعدون أيضا على استقرار الاقتصاد في “أوقات الشكوك” وهذه نقطة مهمة كوننا نعيش في منطقة ملتهبة مليئة بإشاعات، لهذا فإن المشهد الاقتصادي اليوم بحاجة إلى أن نعطي الأولوية لحماية المستثمرين المحليين ودعمهم لضمان استمرار نموهم واستدامتهم.
ولنتطرق بعمق القضية فما يميز المستثمرين المحليين هو فهمهم العميق لاحتياجات وديناميكيات المجتمع وهذا ما يفتقده المستثمر الاجنبي، وهذا ما يمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة تفيد كلا من أعمالهم والمجتمع على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك، يسهم الاستثمار المحلي في تعزيز القدرة الاقتصادية على مواجهة الأزمات، فعندما تضرب الأزمات سواء كانت انكماشات مالية أو اضطرابات عالمية أو حتى حروب لا قدر الله تكون المجتمعات ذات الشبكات الاستثمارية المحلية القوية أكثر قدرة على تجاوز التحديات وهذا ما أود أن اسميه مربط الفرس.
فرغم أهميتهم، إلا أن المستثمرين المحليين يواجهون العديد من التحديات، فالحواجز التنظيمية، وصعوبة الوصول إلى التمويل، والمنافسة الشديدة من الشركات الكبيرة الاجنبية، غالبا ما تعيق نموهم، بالإضافة إلى ذلك، يفتقرون أحيانا إلى نظام توجيه ودعم كاف، وهنا ما يؤلمهم بالفعل ويجعلهم يشعرون بالعزلة والإرهاق، بدون تدخلات مستهدفة، قد نفقد هؤلاء المساهمين الرئيسيين في اقتصادنا في المستقبل وهذا ما يجب ان ننتبه له اليوم.
فمن هنا يجب علينا النظر إلى عدة أمور تخص المستثمر المحلي ومنها تحسين الوصول إلى التمويل، فينبغي على المؤسسات المالية تطوير منتجات مخصصة للمستثمرين المحليين، مثل القروض الصغيرة، والمنح، وصناديق الاستثمار المجتمعي، لتوفير رأس المال اللازم لنجاحهم، دون الإضرار بمساعي المستثمرين الأجانب.
واما من الجانب الحكومي فعليها مراجعة وتبسيط الأطر التنظيمية التي تؤثر على المستثمرين المحليين، وتسهل ذلك أيضا على المستثمرين الأجانب لدخول السوق، وبالتالي خلق بيئة تنافسية عادلة وليس توغل المستثمر الأجنبي على المحلي.
أيضا يجب على الحكومة تشجيع المستهلكين على تفضيل المنتجات والخدمات المحلية وبهذا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نجاح المستثمرين المحليين، وبذلك يكون هناك قوة في الاقتصاد المحلي على كافة الأصعدة.
في النهاية ان حماية ودعم المستثمرين المحليين ليست مجرد مسألة سياسة اقتصادية، بل هي التزام بمستقبل مجتمعاتنا، وذلك من خلال تنفيذ إستراتيجيات تعالج تحدياتهم الفريدة، والتي بها يمكننا أن نخلق بيئة يزدهر فيها الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، وبهذا يمكننا أن نؤمن أن استقرار اقتصادنا يكون بأيدينا وأيدي أبنائنا لا بيد أحد آخر، وهذا ما سيجعل اقتصادنا قويا وعزيزا ويشعرنا بالفخر والانتماء لهذا الوطن.
ومن هنا أدعو إلى الالتفات إلى هذا الملف كون حمايته أصبحت اليوم ضرورة ملحة، وذلك لمنع الهجرة القسرية للمستثمرين المحليين إلى الخارج والذين هم بالأصل صمام أمان اقتصادنا الوطني.