صدى الشعب – رغد الدحمس
يعيش لبنان في واقع إجرامي مرير، حيث تتكرر السيناريوهات الدامية التي شهدتها غزة، إذ تمارس قوات الاحتلال ضرب القوانين عرض الحائط، مما يترتب عليه قتل وتدمير بلا رحمة، واستهداف المدنيين بشكل يتجاوز كل حدود الإنسانية، ويشكل إبادة بأبشع صورها.
في أحدث التطورات، أعلنت أربعة مستشفيات في جنوب لبنان عن تعليق خدماتها الصحية، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد إصابات بأعداد كبيرة وهم بأمس الحاجة للخدمات الطبية. يأتي ذلك في ظل استشهاد أكثر من 28 من الكوادر الطبية خلال 24 ساعة فقط، مما يعكس بشاعة الهجمات التي يشنها جيش الاحتلال ضد المدنيين.
تسجل الأعداد المتزايدة من الضحايا والجرحى صورة جلية لواقع مؤلم، حيث يستهدف الاحتلال المدنيين بوحشية، مما يتسبب في قتل وتهجير مئات الآلاف، ويجبر العديد منهم على النزوح تحت ظروف قاسية.
يتفاقم الوضع الصحي في لبنان مع الحاجة الملحة لتوفير الرعاية الطبية، في حين تضطر المستشفيات إلى تعليق خدماتها في ظل الضغوط المتزايدة ونقص الكوادر الطبية والمعدات. كما يُعاني الكثير من النازحين من مخاطر صحية ونفسية نتيجة الظروف المأساوية التي يعيشونها.
وقال رئيس اللجنة الإعلامية لنقابة الأطباء ، الدكتور حازم القرالة، إن القطاع الصحي في لبنان يواجه أزمة حقيقية نتيجة العدوان المستمر على الأراضي اللبنانية. وأوضح أن المستشفيات تسابق الزمن لاستقبال عشرات الإصابات التي تتطلب الإسعاف في فترات زمنية قصيرة، مما يضع الكوادر الطبية أمام خيارات صعبة، تضطرهم أحياناً لاستخدام بروتوكولات طبية قاسية.
وأكد القرالة أن الوضع الحالي للقطاع الطبي هو نتاج نكسات وأزمات متكررة خلال السنوات الماضية، حيث أدت الأزمة المالية التي عصفت بالبلاد إلى تخفيض النفقات الصحية إلى الحد الأدنى، مما أثر سلباً على جودة الخدمات الصحية. كما أشار إلى أن انفجار مرفأ بيروت زاد من تعقيد الأوضاع، مما قضى على الأمل في تصحيح المسار.
وأضاف: “لقد هاجر آلاف الأطباء والممرضين من لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، حيث يُقدَّر عددهم بأكثر من 3500 طبيب و3000 ممرض، مما أثر بشكل كبير على جودة الخدمات الصحية المقدمة”. وشدد على أن معظم المهاجرين هم من أصحاب التخصصات الدقيقة، مما يزيد من التحديات التي تواجه المستشفيات.
وذكر القرالة أن المخزون الاستراتيجي من المعدات والأدوية تراجع بشكل كبير، وأن الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من الضغوط. ولفت إلى أن وجود حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان يضاعف من الضغط على النظام الصحي، مشيراً إلى أن العديد من المستشفيات تعاني من نقص حاد في الموارد.
وحذر من أن عدد الشهداء والمصابين يتزايد بشكل مقلق، حيث بلغ عدد الشهداء نحو 558، بينهم أكثر من 30% من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 1835 مصاباً.
واعتبر أن هذه الأرقام تعكس وحشية القصف واستهداف المدنيين، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي.
ودعا القرالة إلى التحرك سريعاً لوضع خطط دعم لمساندة القطاع الصحي في لبنان قبل الوصول إلى لحظة الانهيار. وأكد أن الوقت يداهمنا، وأن الدعم الدولي العاجل ضروري لحماية أرواح المواطنين وضمان استمرارية الخدمات الصحية الأساسية في هذه الأوقات العصيبة.