صدى الشعب – فايز الشاقلدي
اثنان وأربعون عاماً مرت على “مجزرة صبرا وشاتيلا”، لكن الجرح ما زال ينزف، وما زالت العائلات تتذكر شهداءها، بينما لم يحاسب أحد على كل الدماء التي سالت.
في 16 سبتمبر/أيلول 1982، اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي العاصمة بيروت، بعد أن اجتاح مناطق جنوبي لبنان مروراً بمدينة صيدا، وبعد حصار دام نحو ثلاثة أشهر للمخيمات الفلسطينية وللمقاومة، خرج آلاف المقاتلين الفلسطينيين إلى تونس تحت الحماية الدولية.
لم يعد لدى المخيمات الفلسطينية من يحميها، وباتفاق مع جيش الاحتلال، نفذت قوات يمينية مذبحة دامية في مخيمي صبرا وشاتيلا استمرت لمدة ثلاثة أيام، وراح ضحيتها نحو 3500 مدني، من بينهم أطفال وشيوخ ونساء، فلسطينيون ولبنانيون.
العديد من العوائل لم يتبقَّ منها أحد، وعوائل أخرى لم يبق منها إلا فرد أو فردان استطاعوا الاختباء على سطح البيت، أو في الخزانة، أو خلف الغسالة، وشاهد مئات الصغار ما حصل لأهلهم أمام ناظريهم.
بات سكان مخيم شاتيلا في الوقت الحالي خليطاً من الجنسيات، فلسطينيون وسوريون ولبنانيون، بينما تغيرت معالم مخيم صبرا تماماً، وتبدل سكانه، وصار الفلسطينيون قلة قليلة فيه، فالغالبية باعوا بيوتهم ورحلوا، واختار الأكثرية الهجرة ملاذاً آمناً لهم.
بعد كل هذه السنوات، لم ينس أهالي شاتيلا تحديداً المجزرة التي ما زالت أحداثها حية حتى اليوم، ويتوارث الأبناء روايتها حتى تبقى في ذاكرتهم، فالعدو في نظرهم يريد أن يقضي على كل الفلسطينيين بإجرامه، خصوصاً على الأطفال، كي لا يبقى أحد للمطالبة بالوطن في المستقبل، أو يتحول إلى مقاوم يقاتل لاستعادة أرضه.
أعيد إعمار البيوت المتهدمة في مخيم شاتيلا بعد أن مات أهلها، أو رحلوا عنها، في حين عاد كثيرون إلى المخيم لاحقاً ليعيدوا بناءه، والأسر التي لم يتبق أحد من أفرادها ذهب ذكرها، وسكنت في منازلها أسر أخرى. لا تخلو الحوائط اليوم من شعارات ولافتات تمجد المقاومة، وتدعو إلى عدم ترك “البارودة”. يعج المخيم بالسكان، والحركة الدائبة فيه تشير إلى أن سكانه يحبون الحياة، وأنهم ينتظرون العودة إلى فلسطين.
جميع الصغار والشبان لم يشهدوا المجزرة، لكنهم عرفوا تفاصيلها من خلال حكايات أجدادهم الذين عاشوها، وهم يشاهدون حالياً المجازر والإبادة الجماعية التي يقوم به العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، ولسان حالهم يقول إن الهدف من كل المجازر، الحالية والسابقة، هو إبادة الشعب الفلسطيني، وتجريده من حقه في استرداد أرضه.
يروي لي أحد الاشخاص … حكى لي جدي عن المجزرة التي راح ضحيتها العديد من الأهالي، وأخبرني أن الجيش الإسرائيلي دخل لبنان، واحتل بيروت، ثم دخل الجنود إلى مخيمي صبرا وشاتيلا، وهجموا مع مليشيات مسلحة على السكان، ودخلوا جميع البيوت، وقتلوا الناس رمياً بالرصاص.
عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ قتلوا، وكل من عاشوا المجزرة يؤكدون ذلك، علماً أن غالبية الكبار الذين ظلوا على قيد الحياة بعد المجزرة ماتوا، ولم يبق على قيد الحياة حالياً سوى من كانوا أطفالاً وقتها.
المجزرة في صبرا وشاتيلا هي المجزرة نفسها في غزة الان ، والمؤامرة ذاتها.
إنها مؤامرة سياسية الهدف منها أن لا يتركوا فلسطينيّاً واحداً على قيد الحياة، حتى لا يبقى من يدافع عن أرض فلسطين.
استشهد عدد كبير من سكان المخيم في المجزرة، من بينهم عائلات كاملة، وعدد من الأهالي لم يتبق لهم إلا ولد أو اثنان على قيد الحياة، وقد عادوا إلى المخيم بعدما كبروا ليعيدوا بناء بيوت أهلهم، إضافة إلى أشخاص وفدوا إلى المخيم، وكانوا غرباء عن البيئة والناس، لكنهم تأقلموا مع تفاصيل الحياة، وعلى الرغم من أن المقتحمين أرادوا أن يقضوا على المخيم، إلا أنه عاد لينبض بالحياة من جديد.
القاصي والداني يعلم أن المجزرة كانت رداً “إسرائيلياً” على صمود المقاومين الفلسطينيين في المواجهة ضد قوات الاحتلال في بيروت الغربية طيلة ثلاثة أشهر من الحصار، وأوقعوا خسائر بصفوف أعدائهم الذين حاولوا اقتحام المدينة إلا أنهم لم ينجحوا بالسيطرة عليها إلا بعد موافقة المقاومين على الخروج من المدينة.
وخرج المقاتلون الفلسطينيون من بيروت، بعد أن اشترطوا خروجهم بضمانات دولية بحماية اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يبق لديهم من يحميهم، ولم يمض سوى ثلاثة أسابيع حتى ذهبت قطعان المليشيات اللبنانية المسيحية المتطرفة لارتكاب مجزرتها في صبرا وشاتيلا بتنسيق مع حلفائهم الإسرائيليين.
المعارف “الاسرائيلية” تُسقط «قِبية» و»صبرا وشاتيلا» من سيرة حياة شارون
أغفلت وزارة المعارف “الاسرائيلية” مجزرتي «قبية» و»صبرا وشاتيلا» من موجز سيرة حياة رئيس الحكومة” الاسرائيلي “الأسبق ارئيل شارون، والتي نشرتها في موقعها على الانترنت احتفاء برحيله.
وكما ذكرت صحف عبرية ، فان الموجز الذي اشار الى تأسيس شارون للوحدة 101 وقيادته لها، اسقط فظائع هذه الوحدة التي قتلت العشرات في قرية قبية الفلسطينية عام 1953، وكذلك الأمر بالنسبة لمجزرة صبرا وشاتيلا التي تورط فيها شارون وغيبت لهذا الغرض حدثا تاريخيا مثل حرب لبنان التي قادها شارون خلال توليه وزارة الأمن عام 1982.
صحيفة «هارتس» التي اوردت النبأ في موقعها على شبكة الانترنت، تساءلت وساءلت وزارة المعارف الاسرائيلية عن تغييب ما وصفتها بالقضايا الخلافية من موجز سيرة حياة شارون ولم تتلق اجابة.
بالمقابل قارنت النشرة التعليمية المذكورة بين شارون والنبي موسى عليه السلام، في سياق حبه وتربيته للأغنام وتصويره كراع حداثي.