صدى الشعب- كتب عبدالرحمن البلاونه
ظاهرة ” التقمل ” موجودة على مستوى دول العالم، ومنذ آلاف السنين، ونحن لسنا بمنأى عنها، وهو ليس “فضيحة” بالدرجة التي يصورها بعض المسؤولين، ومن المتوقع وبعد انتهاء العطلة الصيفية وعودة الطلاب إلى مدارسهم أن يكون بينهم مصابين بهذه الآفة، لقلة اهتمام بعض الأسر بنظافة أطفالهم.
من هنا، لا يمكن لأحد أن ينكر وجود ” التقمل ” في العديد من المدارس، وفي مناطق مختلفة على امتداد مملكتنا الحبيبة، ونحن كجهة إعلامية وطنية مسؤولة وملتزمة، عندما نسلط الضوء على الظواهر السلبية بالمجتمع لا نسعى للتصيد والإثارة، أو الإساءة لأي جهة، وإنما لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الظاهرة والقضاء عليها، فنحن إعلام ناصح لا إعلام فاضح، وغايتنا مصلحة الوطن والمواطن.
لا نعلم سبب تكتم بعض الجهات على موضوع التقمل، وعدم الرغبة بالحديث أو التعليق على ذلك، معتبرين ذلك إساءة كبيرة بحقهم، ويعلم الجميع أن السبب الرئيسي لتكاثر القمل هو انعدام النظافة لدى بعض الأشخاص لأسباب مختلفة، ونعلم كذلك أن انتقال هذه الآفة إلى رؤوس الطلاب في المدارس يتم بمنتهى السهولة، أثناء تعاملهم ولعبهم مع المصابين، وعن طريق التلامس المباشر، أو استخدام أدواتهم الشخصية، ويحدث ذلك داخل الأسرة أو بين الأطفال الذين توجد بينهم مخالطة لصيقة في المدرسة أو أثناء اللعب.
وللقضاء على هذه الآفة ومنع انتشارها بين الأشخاص غير المصابين، لا بد من الإقرار بوجودها، فوجود حالة واحدة أو عشر حالات في المدرسة، يُحتم على الجهات المسؤولة اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع انتشاره بين الطلبة، من خلال وضع برنامج خاص للوقاية من هذه الآفة، وعلاجها، ومن خلال عقد لقاءات واجتماعات دورية لأولياء أمور الطلبة، وعقد محاضرات توعوية وتثقيفية، وحثهم على مضاعفة الاهتمام بنظافة أطفالهم ومتابعتهم بشكل مستمر، و توفير الرعاية الإرشادية والصحية الوقائية الملائمة في المؤسسات التعليمة، كذلك لا بد أن يكون للمسجد دور في الحث على النظافة والتحذير من هذه الآفة، على اعتبار أن النظافة من الايمان، وأن ديننا الحنيف يحثنا على ذلك، ولن نغفل عن الدور الهام لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، من خلال برامج التوعية والتثقيف التي يقدمها مختصون في هذا المجال.
ومن البديهي أن المسؤولية الأولى وقبل كل شيء تقع على عاتق الأسرة التي ينتمي لها الطفل ويجب أن تتكفل بنظافته، وذلك من منطلق الواجب و المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية والدينية، وإذا كان هناك تقصير من قبل الأسرة ، يأتي دور المدرسة التي لا بد أن تتابع نظافة الطلبة ومراقبتهم، بشكل يومي، من خلال المظهر الخارجي للطفل، خلال الطابور الصباحي، وفي داخل الغرف الصفية، وملاحظة إذا ما حدثت بعض التغيرات في سلوك الطلاب المصابين، كقيامهم بحك رؤوسهم بشكل غير طبيعي أثناء الحصص، وملاحظة ظهور بيوض القمل، أو ظهور أي مؤشرات تدل على وجود القمل في رؤوسهم، والتواصل مع أولياء أمورهم، و مع مديريات الصحة المعنية لتأمين العلاجات والأدوية، والأدوات اللازمة للقضاء على القمل.
وكذلك الأمر بالنسبة لأولياء الأمور الذين يكتشفون القمل في رؤوس أبنائهم، فتجدهم يفضلون التكتم خوفا من “الفضيحة” كما يدعون، لأن وجود القمل مقرون بسوء النظافة وانعدامها، على الرغم من سهولة انتقاله من شخص مصاب إلى سليم، لذلك نجد أن بعض الأمهات يخضن معركة محاربة القمل في صمت، مما يساعد على انتشاره بشكل كبير بين الطلبة.
من هنا يجب على جميع الجهات صاحبة العلاقة تحمل مسؤولياتها، واتخاذ التدابير اللازمة ، والقضاء على ظاهرة ” التقمل ” في المدارس، فهي مسؤولية مشتركة وعلينا جميعاً العمل بأمانة واخلاص “فدرهم وقاية خير من قنطار علاج”.