صدى الشعب – كتب عصام قضماني
لم تكن ترغب في ذلك لكن يجب ان تكون موازنة العام المقبل ٢٠٢٥ موازنة تقشفية من ناحية النفقات الجارية اما الانفاق الراسمالي فيجب ان يحظى بالدعم كي تستطيع الحكومة استكمال خططها في التحديث الاقتصادي من ناحية ومن ناحية اخرى تحفيز النمو.
تشكو الموازنات عموما من أن رواتب الموظفين والمتقاعدين تستهلك 60% من الموازنة العامة، وهي نفقات تقع تحت بند الخطوط الحمر ولا تقبل المراجعة بل العكس فهي تقبل الزيادة.
ليس متوقعا ان يزول تاثير الاوضاع الاقليمية على اقل تقدير حتى منتصف العام المقبل هذا في حال توقفت الحرب اليوم، ما يعني استمرار الاوضاع الضاغطة على النشاط الاقتصادي وعلى اداء الشركات وعلى السياحة ومقبوضاتها.
ما بقي هو تقشف شديد يبدأ بكبار المسؤولين كي يكونوا نموذجا لصغار الموظفين والمواطنين عموما.
التقشف المقصود يجب ان يشمل كل النفقات غير اللازمة والحد من مظاهر البذخ في المكاتب والسيارات والمخصصات والسفر الا للضرورة.
النفقات الجارية نزيف مهلك ولطالما اعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يجوز المس بها لكن ذلك يجب ان يتوقف.
موازنة ٢٠٢٥ يجب ان تكون مختلفة لكن ليس بسبب أنها ستكون تقشفية كماً بل لأنها تاتي في ظروف قاهرة خصوصا وان موازنة العام الحالي لا يبدو انها ستحقق اهدافها..
اعداد موازنة العام المقبل ستكون مهمة صعبة امام وزير المالية وطاقمه لتدبير المال اللازم لتمويلها في ضوء زيادة طلبات وحاجات الانفاق.
تعترف الحكومة بأن الاجهزة الإدارية للحكومة متضخمة، فهي توظف حوالي نصف القوى العاملة بين عاملين ومتقاعدين وتستهلك نحو 6 مليارات دينار من موازنة قوامها لا يزيد على ١٠ مليارات دينار، لذلك فان التقشف سيكون صعبا..
تقشف الموازنة يعتمد على أن لا تزيد النفقات الجارية للسنة القادمة على النفقات الجارية الفعلية للسنة الماضية وأن لا تتجاوز النفقات الجارية حجم الإيرادات المحلية، لكن منذ متى تحققت هذه المعادلة إذ أن التقديرات غالبا ما تكون غير واقعية.
صحيح ان في الموازنة بنود عديدة لا تتمتع بأي قدر من المرونة مثل الرواتب والتقاعدات وخدمة الدين العام ونفقات التشغيل والخلل في هذه البنود يعني ارتفاع المديونية ومعها ارتفاع كلفة الفوائد.
وزير المالية لن يسـتطيع تخفيض الرواتب والتقاعد بل هناك حاجة لزيادتها، ولن يستطيع تخفيض خدمة الدين العام المحلي والخارجي بل عليه تدبير مال لتمويل ذلك كله.
آن الأوان بأن تبنى الموازنة العامة على أساس الإحتياجات الفعلية وليس القرارات والمكاسب المطلبية فلا زال الوضع المالي صعباً ويتطلب مزيداً من التقشف.