صدى الشعب – كتب المحلل الأمني د. بشير الدعجه
تُشكل المهام الإنسانية في مناطق النزاع واحدة من أعظم التحديات التي يواجهها الجنود، حيث يضطرون لمواجهة الواقع القاسي للمعاناة والألم البشري… هذه التجارب العميقة التي يعيشها الجنود في ميدان العمل الإنساني لا تقتصر على تقديم المساعدات الطبية والغذائية، بل تمتد لتترك آثارًا نفسية عميقة قد تكون مدمرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
الجنود والضباط الذين ينخرطون في هذه المهام يشهدون مشاهد من المعاناة والدمار قد تكون صادمة للغاية… فتعرضهم لهذه الظروف الشديدة يخلق ضغوطًا نفسية هائلة قد تتحول إلى أزمات نفسية معقدة بعد انتهاء مهماتهم… لذا، فإن الحاجة إلى دعم نفسي ومعنوي متكامل لهؤلاء الأفراد لا يمكن الاستهانة بها، فهي ليست مسألة ترف، بل ضرورة حيوية لإنقاذ حياتهم وحمايتها من التأثيرات السلبية التي قد تكون قاتلة.
الأثر النفسي لعمل الجنود في مناطق النزاع يتجاوز المشاهد والصدمات اليومية ليشمل تأثيرات طويلة الأمد قد تعطل حياتهم بالكامل… القلق، الاكتئاب، والاضطرابات النفسية الأخرى قد تكون نتيجة مباشرة لتلك التجارب، وإذا لم يُقدم الدعم الكافي، فإن الأفراد قد يجدون أنفسهم في مواجهة معاناة نفسية شديدة قد تقودهم إلى خيارات مأساوية مثل الانتحار … لذا، فإن توفير الدعم النفسي هو جزء لا يتجزأ من ضمان سلامة الأفراد بعد انتهاء خدمتهم.
الرد العاجل على هذه الأزمة يتطلب تدخلات متكاملة تشمل تقديم الاستشارات النفسية المتخصصة، برامج إعادة تأهيل، ودعم اجتماعي فعال… ويجب أن تكون هذه الخدمات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الأفراد العائدين من المهام الإنسانية، لمساعدتهم على التكيف والعودة إلى حياة طبيعية وصحية… إن التقليل من حجم هذه المشكلة أو تجاهلها يمكن أن يؤدي إلى عواقب كارثية ليس فقط على الأفراد المعنيين، بل على المجتمع بأسره.
من الأهمية بمكان أن ندرك أن الدعم النفسي والمعنوي ليس مجرد رفاهية، بل هو حجر الزاوية في الحفاظ على صحة الجنود ورفاهيتهم… هؤلاء الأفراد قاموا بتضحيات عظيمة ويجب علينا كأفراد ومؤسسات أن نعمل بجد لتوفير كل ما يلزم لهم لضمان تعافيهم الكامل وتفادي الأزمات المستقبلية… إن توفير الدعم الفوري والفعال يمكن أن يكون الفارق بين التعافي الكامل والمأساة، ولذا فإن التحرك السريع واتخاذ الإجراءات المناسبة يعدان مسؤولية ملحة ومهمة.
في النهاية، فإن واجبنا تجاه الجنود الذين يقدمون خدمات إنسانية في ظروف قاسية لا ينتهي عند مجرد شكرهم أو تقدير جهودهم. بل يمتد ليشمل توفير الحماية والدعم النفسي اللازم لهم، لضمان أن يتمكنوا من العودة إلى حياتهم بشكل سليم وآمن، وأن لا تكون معاناتهم جزءًا من الثمن الذي يدفعونه من أجل إنقاذ الآخرين… وللحديث بقية.