صدى الشعب- كتب حازم القرالة
رحل مجلس النواب بإرادة ملكية سامية بعد أداء مخيب للآمال في مجلس هو الأضعف أداء و الأقل حضورا في تاريخ الأردن مخلفا وراءه عشرات الاسئلة عن مستقبل هذه السلطة في ظل وضع لربما يكون الأصعب على الوطن فالسنوات القادمة ستكون حاسمة في جميع الملفات وعلى وجه الخصوص الملف السياسي والملف الإقتصادي.
هيمنة وسيطرة السلطه التنفيذية الشبه مطلقه على السلطة التشريعية وتردي الحالة العامة في مجلس النواب وصل أوجه في ظل هذا المجلس الراحل الذي مرر العديد من القوانين والتشريعات التي كان لها الأثر البالغ على المواطن دون أدنى دور له فيها حيث مرت معظمها دون أي تعديل منه، إضافة لغيابه عن دوره الرئيسي في الرقابة على السلطة التنفيذية حين إقتصر دورة على أسئلة كانت في أكثرها تفتقر للدقة وبعيدة عن واقع المشكلة ودون أدنى متابعة وواقع الحال يتحدث عن صفر مناقشات للإستجوابات فلم يتم مناقشة أي استجواب طوال أربع سنوات ويضاف لقائمة الخيبات غياب المجلس التام عن أحداث مر بها الوطن والمنطقة ولم يكن له أي دور فيها.
للوقوف على أسباب هذه الحالة التي وصلت إليها السلطة التشريعية فإنه من المؤكد أن الأسباب عديدة تتحملها جميع الأطراف و سأتحدث في سطوري عن دورنا كمجتمع في هذه الحاله
كثيرا ما تتردد عبارة أعلن إنسحابي لمصلحة العشيرة عند العديد من المترشحين لخوض الانتخابات النيابية وتتردد هذه العبارة في مساقات المكون الأردني من عشائر وعائلات بحثا عن إيصال اسم العشيرة والعائلة والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم أين مصلحة الوطن من مصلحة العشيرة وهل تلتقي هذه المصالح.
لا شك أن الوطن يزخر بالكفاءات والنخب القادرة على أن تكون رقما صعبا في مجلس النواب المتراجع على كافة الأصعدة والذي إكتوى بنار أدائه المتواضع كل من يعيش على أرض هذا الوطن (المقاطع والمشارك في العملية الإنتخابية) وما الأرقام التي أعلنت عن المجلس الأخير إلا خير شاهد على هذا الأداء الصادم على جميع الأصعدة فحين نتحدث عن ١٤ نائبا دخلوا المجلس وخرجوا منه بعد أربعة سنوات دون التفوه بحرف كنا نحن شركاء في إيصالهم للمجلس بقراراتنا سواء كانت المقاطعه أو المشاركه المبنية على أسس خاطئه وهذا الخلل لابد علينا اليوم جميعا أن نعيد التفكير فيه واضعين مصلحة الوطن أمام أعيننا والمرحلة باتت لا تحتمل أي مجاملات أو أخطاء وإن كان أمامنا اليوم فرصة للتصحيح قد لا تتكرر
نسبة التصويت المنخفضة في السنوات الأخيرة والتي تراوح الثلث فقط ممن يحق لهم الإقتراع يعني أن هناك ما يقرب من ثلثي المجتمع قرر المقاطعة والبقاء في زاوية المشاهد والإكتفاء بالمراقبة بحجة التشوه الحاصل في آلية إنتاج النخب السياسية و المجالس النيابة والثلث الآخر الذي قرر المشاركة جزء كبير منهم أساء الإختيار إما بداعي التنافس العشائري والقرابة وتصفية الحسابات وغيرة وجزء سيطر عليه المال الأسود والنتيجة الحتمية هي مجالس نيابية مشوهة جعلتنا الخاسر الأوحد في هذه المعادلة.
لا أتحدث هنا عن الإبتعاد عن دور العائلة والعشيرة فهذه إحدى الركائز الأساسية التي قامت عليها الدولة الأردنية وكما أسلفت أن المكون الأردني بكل تقسيماته يزخر بالقدرات والكفاءات القادرة على إحداث التغيير والتي تلاقي قبولا واسعا في أوساطها فلماذا اليوم تراجعت هذه الكفاءات عن تقديم نفسها وأخذ دورها و واجبها الحقيقي في المجتمع ولماذا ابتعد المجتمع عن تقديم الشخص الكفؤ إبن العشيرة والعائلة ولماذا قررنا الصمت ومراقبة المشهد الذي نحن جزء منه شئنا أم أبينا في معادلة نحن على أحد اطرافها والوطن على الطرف الآخر، ومتى سنكسر حاجز الصمت ونقرر المشاركة ونحسن الاختيار ونقدم مصلحة الوطن وندرك أن مصلحة العشيرة أو العائلة ومصلحة الوطن وجهان لعملة واحده والمصلحة الوطنية لا تتجزأ ولا تقبل القسمة.
إذا ما أدركنا أن المجلس القادم آت لا محاله و سيحوي مكونا حزبيا ما زال غير ناضج ولا يمتلك القدرة برأيي على التمثيل الحقيقي والصحيح واذا ما استمرينا بنفس النهج الذي انتهجناه في السنوات الماضية فالقادم حتما سيكون مظلما وبرأيي فإن تصحيح النهج يجب أن يبدأ من أنفسنا ، نعم قد لا نتج مجلس نواب نموذجي ولكنه على الأقل قادر على إيصال عشرات الشخصيات ذات الكفاءة الفكرية والمواقف الرزينة وحتما نستطيع تغيير المشهد حينها ولو جزئيا.