صدى الشعب – كتبت سارة طالب السهيل
لكل دولة أركان وأعمدة تقوم عليها تسندها وتشد من عضدها ترفع قيمتها وقامتها بين الدول بكل ما تملكه من قوة ومن مواهب. وهذه الأركان لا تقتصر على الوزراء و السياسيين وما شابه ، ولكنها أركان متعددة قد تكون علمية او ثقافية او فنية او فكرية.
الدكتور محمد وهيب أحد أركان علم الأثار في الاردن ، مكتشف موقع عماد السيد المسيح ، انطلق في تجربته المشرقة من ايمان قوي بقيمة وطنه الأردن ، وسعى سعيا جاهدا مخلصا لرفع قامته بين الأمم والحضارات باذلا وقته وعمره للكشف عن خزائن ارضنا الطيبة المباركة.
فهو عالم وأحد أعمدة الجامعات الأردنية والذي لم يتوانى لحظة عن العمل الدؤوب لاستخراج كنوز أرضنا وبذل الجهد لإدراجها في قائمة الاثار العالمية لتكون مزارا سياحيا يسهم في النهوض بالاقتصاد الوطني.
لاشك ان الدكتور محمد وهيب قامة علمية لاتقل في مكانتها عن الدكتور زاهي حواس في مصر ، فهو بقدر سعة علمه ، فانه يمتلك مواهب ربانية وايمان بكتاب السماء وما وردبه من قصص الانبياء والاقوام السابقة على الاسلام، وهو الايمان الذي قادة للبحث والتنقيب عن كشوفات أثرية خبيئة في أرضنا المباركة ، مثل ديار النبي شعيب ، والتي استعرضها في كتابه ضمن سلسلة اكتشافات الاعجاز القرآني في علم الاثار.
ود. محمد وهيب علي الحسين من مواليد عام1962، استاذ دكتور بالجامعة الهاشمية بكلية الأثار . حاصل على الدكتوراه من جامعة (حاجي تبه) في أنقرة تركيا / عام1991.
بدأ حياته العملية موظفا وباحثا في دائرة الآثار العامة ثم مديرا لمشاريع التنقيب بوزارةالسياحة والاثار من عام 1992– 2002 ، واكتشف أكثر من أربعين أثرا وموقعا من أبرزها موقع عماد السيد المسيح بنهر الأردن،ثم انتقل الى الجامعة الهاشمية وشغل موقع العميد لمعهد الملكة رانيا للسياحة والتراث وكرم في عدة دول اوروبية وامريكا.
صدر له عشرات الكتب في علم الآثار والتراث بجانب مئات المقالات المتخصصة في مجال الآثار والتراث في مجلات عربية وعالمية، وعضو في أكثر من عشرين جمعية متخصصة.
ونتيجة جهوده في اكتشاف موقع المغطس في نهر الاردن توالى اكتشاف خمسة عشر موقعا من بينها كنائس وارضيات فسيفسائية وكهوف ومحطات حجاج وطرق وبرك عماد ومكتشفات فخارية وكتابات ونقوش أثرية.
وجهود د. محمد وهيب لا حصر لها مع فريق بحثه لاكتشاف الاسرار الخفية عبر المواقع التي تعج بها الأردن من آثار مثل اكتشاف وتوثيق سور الأردن العظيم ، واكتشاف الساعات الشمسية المزولات ، ومحطات البريد الزاجل التاريخية ، و ديار النبي لوط ، وديار النبي شعيب ضمن سلسلة اكتشافات الاعجاز القرآني في علم الاثار ، بالإضافة إلى اكتشاف اضخم طيور العالم من المستحدثات في مناجم الفوسفات الأردنية ، وتوثيق مسار طريق الحرير الدولي ، وطريق البخور الاقليمي عبر البتراء ، وطريق الايلاف القرشي العابر لحدود البلدان العربية بقيادة هاشم بن عبد مناف جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم النبي الهاشمي ، وغيرها.
والحقيقة ان الدكتور محمد وهيب له الفضل الكبير في معرفتنا لتاريخ وطننا الغالي الأردن واحساسنا بقدسيته عبر اكتشافاته الاثرية العظيمة ، إلى درجة انني بت أشعر ان اي مكان في الاردن يحتمل ان يكون موقعا أثريا مهما يشغل علماء الآثار وعشاق السياحة في الكرة الارضية.
فالكرك ، لم أكن أتوقع قيمتها الاثرية الا بعد أن قام د. وهيب بإجراء مسحته الاثرية بها وراجع أقوال الرحالة وصولا لاكتشاف بقايا حضارة مدين جنوب شرق محافظة الكرك، وديار نبي الله شعيب عليه السلام ، وبئر مدين الذي استسقى منه نبي الله موسى عليه السلام لابنتي شعيب.
أيضا لم أكن أعلم عن المكانة الكبيرة للزرقاء في العالم القديم الا من خلال جهود د. محمد وهيب ، وعجائبها الاثرية وكيف كانت أعظم مدن العالم وانها شهدت أكبر حضارة في الشرق الأوسط في العصور الحجرية فيوادي الزرقاء عرفت بحضارة الودعة ، بجانب حضارة عين غزال ، بجانب اكتشاف أضخم طائر زاحف في العالم ، بالزرقاء والذي يرجع تاريخه إلى 70 مليون عام.
وكشف لنا د. وهيب العديد من العجائب الأثرية الأخرى بالزرقاء مثلا المنشآت المائية المبنية من جدران وفواصل ومصاطب وأبنية دائرية بينها ينابيع وعيون مائية متدفقة تسمى عين القيسية وعين السوداء.
وانا شخصيا استلهمت من الدكتور محمد وهيب قصة اكتبها للأطفال وعندما قلت له الفكرة شجعني وفرح كثيرا و سأترك الموضوع مفاجأة.
الدكتور محمد وهيب قامة وطنية علمية واثرية في الأردن تستحق منا كل التقدير لإخلاصه في كشف كنوز وطننا الاثرية ، وفي تعميق مشاعرنا بالفخر والانتماء لهذا الوطن المقدس و اخيرا و ليس اخراً اتمنى من وسائل الاعلام المرئية و المقروءة و المسموعة تسليط الضوء على مثل هكذا منجزات و مثل هذه الشخصيات، بمعنى الحدث و صاحبه بذات الوقت، اولا لتعريف الناس داخل و خارج الوطن بمكتسباتنا الوطنية و تاريخنا و اثارنا،و ثانيا من اجل ترسيخ هكذا نماذج من القدوة بين الاطفال والنشأ وحتى الكبار بدلا من عرض باروكة فلانه وبائعات الايلاينر ومروجات افضل نوع ارجيلة!
وثالثا والاهم ان مثل هؤلاء الاشخاص وان لم يطلبوا التقدير والشكر لانهم ممتلئين ثقة بأنفسهم و لانهم مؤمنين بعملهم ومهمتهم وخدمة وطنهم وخدمة العِلْم والعطاء
الا انهم ايضا بَشَر يحتاجون منا التشجيع و الشكر والعرفان بدلا من الانغماس بالتفاهه واخبار الزواج والطلاق للفنانين المتصدرة عناوين السوشيل ميديا افيقوا من الغفوى (اتمنى ان لا تطول).