صدى الشعب – كتب عصام قضماني
منذ اقراره لا يزال الحد الادنى للاجور يثير جدلا فمن جهة يرى فيه اصحاب الاعمال قيودا ترفع التكاليف ومن جهة لا يراه الشباب والشابات حديثو التخرج ملبيا للطموح في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
اذكر انتي كنت خضت نقاشا مع باسم خليل السالم وقد كان انذاك وزيرا للعمل وكان يفضل استخدام مصطلح الاخر عوضًا عن الحد الادنى او الاقصى وفهمت ان ذلك يعني ترك الاجر لعوامل السوق والعرض والطلب بحيث يرتفع الاجر او او ينخفض تبعا لذلك لكن ثمة معايير كانت غائبة وهي المتعلقة بمعدلات الدخل وتكاليف المعيشة وربط الآجر بالتضخم وبسلة استهلاك المستهلك.
الحد الادنى للاجور حصر الشباب والشابات حديثي التخرج بسقف محدد من الرواتب وهو بلا شك لا يلبي التكاليف التي رتبتها الظروف المعيشية لكنه بذات الوقت كان ضد الطموح اما بالنسبة لاصحاب العمل فقد وجدوا فيه فرصة لالتزام غير رسمي بسقف محدد يمنح للموظفين الجدد دون التزام بمعايير العرض والطلب او حتى الخبرة ولا الكفاءة، بمعنى محدد كان بالنسبة لهم متنفسا ازال عن كاهلهم ترتيب تكاليف لا يرغبون بها.
المعادلة في وضع حد ادنى للاجور لا تزال ناقصة فقد تم تحديد الحد الأدنى للأجور دون أن يرافقه الحد الأقصى للأجور بينما تقوم بعض الدول بالربط بين الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، أو بين رواتب صغار الموظفين ورواتب مدرائهم، بحيث لا يزيد راتب المدير عن عشرة أضعاف أو حتى عشرين ضعفاً، من راتب الموظف الصغير في نفس المنشأة، وكان ذلك مدعاة للتذمر.
الحد الأدنى للأجور لا يرضي الجميع وربما كان الأفضل ترك تحديد الرواتب والأجور لعوامل السوق الحر، على أن تتكفل ضريبة الدخل التصاعدية بتحقيق نوع من العدالة.
يقاس الحد الأدنى للأجور في الأردن بالأجر الشهري، مع أنه يقاس عالمياً بأجر الساعة، وهو ما يرتب زيادة في الفجوات بحيث لا يتم ربط الآجر بالانتاجية.
بشكل عام، الحد الأدنى للأجور في الأردن متدنياً جدأً، فهو لا يرقى حتى الى مستويات الدول المماثلة في مستويات وتكاليف المعيشة.
لا بد من ملاحظة ان تدني الاجور او تحديدها يسير معاكسا لمفهوم الانتاجية فلماذا قد يبذل الموظف جهدا مضاعفا ان كان الاخر في مرضيا له او لا يلبي حاجاته الاساسية؟.
بعض رجال الأعمال يعتبرون مستوى الأجر في الأردن أعلى مما هو في الخارج بمقياس الإنتاجية! ومعنى ذلك أن رفع الأجور يجب أن يرافقه رفع الإنتاجية.
دائما هناك دعوات لرفع الحد الأدنى للأجور وهو يعكس عدم الرضى،وهو ما يفسر محاولات الموظفين الدائمة للبحث عن مصدر آخر للدخل مثل اوبر وكريم وغيرها من الاعمال في الاسواق الموازية او غير الرسمية.
يزعم البعض أن رفع الحد الأدنى للأجور يضر بالطبقة العاملة وصغار الموظفين وان من شأنه زيادة البطالة، كما أنه يلحق الضرر بأضعف حلقات العمال أي النساء وذوي الإعاقات وكبار السن، فإذا كان رب العمل سيدفع نفس الأجر فلماذا لا يعطي الأولوية للعامل القوي.
ثمة امور اخرى لرفض رفع الحد الادنى للاجور بانه يؤذي العمالة الوافدة، لكن من قال ان هذه الاخيرة تقبل اصلا بالحد الادنى كراتب !؟.
المشكلة ان الحد الادنى للاجور لا يرضي طرفي المعادلة والحل هو الغاؤه والبحث عن وسائل اخرى للحماية ولضمان معدلات رواتب تتناسب مع المعايير الدولية و تأخذ بالاعتبار تكاليف المعيشة وتراعي الانتاجية.