صدى الشعب – كتب بلال التل
قدم المسلسل الكوميدي السوري (الخربة) نموذجا بشريا يتكرر في حياتنا اليومية كثيرا خاصة في هذه السنوات العجاف.
الشخصية التي اقصدها في المسلسل الكوميدي هي شخصية جوهر بو مالحة، التي جسدها الفنان السوري محمد خير الجراح، فقد كان هم جوهر وشغله الشاغل التقاط الصور مع المسؤولين وتعليقها على جدار منزله ليوهم نفسه والناس انه شخص مهم، رغم انه لم يكن اكثر من (هتيف) طفيلي يتواجد في المناسبات العامة بدعوة او بدون دعوة، المهم انه كان يحرص على التواجد حيثما يتواجد مسؤول، ليزاحم لالتقاط صورة مع ذلك المسؤول، وغالبا ما كان ذلك يتم على حساب كرامته
وغالبا أيضا ماكان يطرد من الاحتفالات او يهمل الناس وجوده، ولايشعرون بغيابه ان غاب.
رغم كثرة الصور التي التقطها جوهر بو مالحة وعلقها على جدران منزله فانه لم يقنع احدا بانه شخص مهم، وكان محل سخرية الجميع وأولهم زوجته وابناء عمومته، بل وانه احيانا كان يحتقر نفسه، لذلك يقول في احد حواراته( انا بعرف انه ماليش قيمة بس مش لهدرجة) لكنه لم يستطع الإقلاع عن رغبته في ان يظهر كشخص مشهور ومعروف، ففي كثير من الاحيان يتحول طلب الشهرة الى مرض، كما انها في كثير من الاحيان تكون رغبة بالتخلص من احساس قاتل بالنقص.لدى امثال جوهر بو مالحة.
نموذج جوهر بو مالحة يتكرر كثيرا في حياتنا اليومية،خاصة في مجتمعنا الاردني، لكن وبفعل التطور التكنولوجي فقد تم استبدال حيطان منزل ابو مالحة بجدران وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الصور عليها، ولم تعد السخرية من نموذج جوهر محصورة في (الخربة) واهلها فقد صارت أوسع . لان أساليب نموذج جوهر بومالحة من طالبي الشهره بالخداع وببمارسة الطفيلية توسعت وتعددت. كذلك تطورت اساليب النصب والخداع، فصار التصوير اسهل واسرع بواسطة الهاتف الجوال، بل لا ابلغ اذا قلت ان بعضهم يستأجر اشخاص لتصويره في المناسبات العامة بجانب المسؤل، او ليصور هذا المريض بمرض الشهرة وهو يحمل الميكرفون في مناسبة عامة، قد لايكون مدعوا لها اصلا، ولكنه يتصرف ك(صاحب دار)، بل ان بعضهم يصور حركاته وسكناته، باستثناء دخوله الى الحمام، وسرعا ما تأخذ صوره طريقها الى النشر على حيطان وسائل التواصل الاجتماعي،علما بان هذا الذي يصر على التقاط صور له مع هذا المسؤول او ذاك يعرف قبل غيره من الناس، ان صورته لن تعلق في ذهن المسؤل، هذا اذا لم يتبرم منه المسؤل ويحتقره، كما سيسخر منه الناس الذين صاروا يملون هذا الاسلوب في طلب الشهرة او ادعاء الأهمية .
ليس فقط التقاط الصور بجانب المسؤولين هو اسلوب مرضى الشهرة، فبعضهم يستأجر من يكتب له، وبعضهم الاخر يستأجر من يكتب عنه، ويصرف له الالقاب بلا حساب. كما ان بعضهم يصرف لنفسه صفات ليست فيه، كأن يعرف على نفسه. انه خريج جامعي وهو لايحمل شهادة الثانوية العامة، لكنه المرض، والنموذج المتطور من جوهر بو مالحة.