يعيش الأردن مناسبات وطنية عزيزة علينا جميعًا بدءاً من عيد الإستقلال الذي احتفل به الأردنيون جميعًا في الشهر الفائت ومرورًا في شهر حزيران هذا الشهر العزيز على قلوبنا جميعًا ذكرى جلوس جلالة الملك على العرش وذكرى النهضة العربية الكبرى ويوم الجيش الأردني. لذلك نجد لزامًا علينا أن نستذكر هذه المناسبات الوطنية الأردنية التي تجذر معنى الاعتزاز وحب الوطن، والانتماء للوطن والقيادة، هذه الأعراس الوطنية التي نحتفل فيها وسط إنجازات كبيرة ومتعددة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتربوية وفي جميع مجالات الحياة، وإصلاحات كبيرة هدفها الحفاظ على حقوق المواطن الأردني، وتجذير الديمقراطية والنهوض بالاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمار، والاهتمام بقطاع الشباب، ودعم قواتنا المسلحة الباسلة، والأجهزة الأمنية، التي نعتز بها ونفاخر أرجاء العالم. إن جلوس جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني بن الحسين المعظم على العرش السامي يجسد التطلعات الهاشمية والامتداد الأصيل لبني هاشم، هؤلاء الرجال الغر الميامين الذين كانوا وما زالوا ضمير الأمة ومبعث عزها وفخارها ومحط أنظارها وآمالها ومحور تطلعاتها المستقبلية الطموحة. عندما تسلم جلالته سلطاته الدستورية ابتدأ جلالته عهده بالقسم يوم السابع من شباط من عام 1999م معاهدًا الوطن أخلاصًا والدستور حفاظًا عليه قسم كل أردني للإخلاص للأمة والملك والحفاظ على الدستور والتقدم نحو الانجاز.
واختط جلالته منذ اليوم الأول لتسلم سلطاته الدستورية واعتلائه للعرش في التاسع من حزيران عام 1999م نهجًا للإصلاح والتنمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تمثلت بالإصرار والتصميم على تجذير أسس الديمقراطية والعدالة بما يعود بالنفع المباشر على حياة المواطنين. وجاء الأول من آذار عام 1956 يحمل معه الخير الكثير عندما اتخذ جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه قراره القومي والتاريخي بتعريب قيادة الجيش العربي، وإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957، حيث مثّل هذا القرار نقطة الإنطلاق الحقيقية في مسيرة التطور والتحديث، واستمر الاهتمام بإعادة بناء الجيش، فمنذ اللحظة الأولى لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش في التاسع من حزيران عام 1999 أولى القوات المسلحة جلّ اهتمامه ورعايته لتواكب العصر تسليحًا وتأهيلًا، فسعى جلالته لتطويرها وتحديثها لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته، والقيام بمهامها على أكمل وجه، مثلما سعى إلى تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين، حتى أصبحت مثالاً وأنموذجًا في الأداء والتدريب والتسليح، تتميز بقدرتها وكفاءتها القتالية العالية بفضل ما أولاها جلالة القائد الأعلى من اهتمام كبير، عندما هيأ لها كل المتطلبات التي تمكنها من تنفيذ مهامها وواجباتها داخل الوطن وخارجه وذلك بما يتوافق مع تعدد أدوارها ومهامها وبما ينسجم مع التهديدات والتحدّيات الجديدة في العالم والإقليم على حد سواء. ولأهمية الروح المعنوية ورفعها لدى منتسبي القوات المسلحة، سلّم جلالة الملك عبدالله الثاني علم جلالة القائد الأعلى، كأعلى درجة تكريم عسكري في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي لعدد من تشكيلات ووحدات ومديريات الجيش العربي تكريمًا لما يبديه منتسبو هذه الوحدات من شجاعة، وما يبذلونه من تضحيات وخدمات للوطن والمواطن، بالإضافة إلى تسليم وتداول راية الثورة العربية الكبرى برمزيتها بين وحدات الجيش العربي. وللجيش العربي المصطفوي دلالة قوية على ما يحمله من قيم لا يمكن المساومة حولها، كما لا يمكن التخلي عنها مهما كان الثمن، فهو الأمين على هذا الحمى وعلى حمل رسالة الثورة العربية الكبرى قولاً وفعلاً؛ عندما صدَّقت أقواله أفعاله، ولعل أهمها دوره في مكافحة جائحة كورونا؛ فكان أحد أهم المفاصل التي أدارت المشهد بكل كفاءة واقتدار، بقيادة هاشمية حكيمة؛ فحظوا باهتمام المواطنين واحترامهم لما قدموه من أعمال جليلة تعكس صفاتهم الحميدة، والدور المحوري والمهم بتقديم المساعدات الغذائية والدوائية من خلال الإنزالات الجوية عبر الأجواء الأردنية إلى قطاع غزة، فلم يتوانى في دعم القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء في قطاع غزة.ومن جانب آخر فقد ترسخ تواجد القوات المسلحة الأردنية في ميدان حفظ السلام العالمي كقوة فاعلة، حيث استطاعت هذه القوات أن تنقل للعالم صورة الجندي الأردني وقدرته على التعامل بشكل حضاري مع ثقافات وشعوب العالم المختلفة، وأصبح الجيش العربي الأردني يرفد الدول الصديقة والشقيقة بالمدربين والمختصين المحترفين في مجال عمليات حفظ السلم والأمن الدوليين، وتم إنشاء معهد تدريب عمليات السلام كمركز إقليمي وعالمي للتدريب، ولمَّا كانت القوات المسلحة تحمل اسم “الجيش العربي”، فهي جيشٌ لكل العرب والمسلمين انطلاقًا من رسالتها الهاشمية الأصيلة، فكانت وقفة الجار مع الجار في محنته وعسرته، واستقبلت قوات حرس الحدود في السنوات الماضية وعبر حدود المملكة اللاجئين الذين عبروا حدودها الشرقية والشمالية من الأطفال والشيوخ والنساء والشباب، فمنهم المرضى ومنهم الجرحى بحثًا عن الملاذ الآمن، ولم يتوانى الجندي الأردني بأخلاقه النبيلة وصفاته الجليلة أن يمسح بيديه دموع طفل، وإنقاذ عاجز، ومساعدة شيخ طاعن في السن، ونساء أعياهن المسير والتعب والمرض والجراح.
ولعل إحياء ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش يقودنا إلى الاحتفال بذكرى الجلوس الملكي، تعبيرًا عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالقيادة الهاشمية الحكيمة، والتي كانت فاتحة خير للوطن الذي امتلأت أرجاؤه بالخيرات، فكان خير خلف لخير سلف، وتوالت الإنجازات التي طالت أرجاء الوطن الطيب بأهله وشعبه الذي نهل من طيب أخلاق الهاشميين أصحاب الصنائع البيض، فأضحى الوطن بعزم الهاشميين وهمَّة المخلصين من أبناء الوطن عنوان الأمن وصمام الأمان، وسيبقى الجيش العربي برسالته الخالدة، حامي الحمى وصانع الإنجازات أينما حلّ وارتحل، والملاذ الآمن وعنوان السكينة والاستقرار، نرفع به هاماتنا بشموخ وإكبار، يد تبني ويد تحمل السلاح، سواعد قوية ونفوس أبية على قدر أهل العزم، حمى الله الوطن وقواته المسلحة الباسلة في ظل صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.