في حديث لمعالي الدكتور جواد العناني منشور في عمون الغراء نقلاً عن “العربي الجديد” المنشور يوم ١٦/٥/٢٠٢٤ تعليقاً على المؤتمر الصحفي الذي عقدة كل من معالي وزير المالية الدكتور محمد العسعس وعطوفة محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس قبل أيام، أعلنا فيه عن سعادتهما برفع تقييم الأردن من قبل وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني إلى B3a بعدما كان B، وهذا الرفع في التقييم يحصل لأول مرة منذ 21 عاماً.
وكان أبرز ما جاء في حديثهما حسب ما أشار الدكتور العناني:
• أن الأردن الذي واجه تحديات إقليمية ودولية كثيرة منذ العام 2003 حتى الآن مثل الربيع العربي، ولجوء ثلاثة ملايين لاجئ إليه من الدول العربية المجاورة، وجائحة كورونا، وحرب أوكرانيا، وأخيراً الحرب على غزة والضفة الغربية.
• تمكن من استيعاب كل إسقاطات هذه الحوادث الكبرى على اقتصاده، وأظهر الأردن مرونة واستجابة مكنتاه من إثبات قدرته على التعامل مع التحديات التي تواجهه.
• أن الأردن الذي قلّت المساعدات المقدمة إليه من العرب والأجانب والتي كان من شأنها تغطية النفقات الإضافية التي ترتبت عليه بسبب زيادة سكانه بأعداد كبيرة بالأرقام المطلقة والنسبية، قد عانى من زيادة العجز في الموازنة، ومن نمطيتها بزيادة الضرائب والرسوم محلياً وبالاقتراض من الخارج.
• النتيجة زادت قروض الأردن الداخلية والخارجية بمقدار 10 مليارات دولار في السنوات الأربع الأخيرة. وفي العام 2023 بالذات قفز الدين العام من 43.3 مليار دولار آخر شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2022 إلى 46 مليار دولار في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. أي قفز خلال عام 2023 بمقدار يداني 2.7 مليار دولار. ولذلك، فإن تقدم الأردن إلى تقييم أعلى سيمكنه من سد العجز بقروض خارجية وداخلية بكلف أقل.
• سيعزز مثل هذا الرفع في الأداء الدولي المزيد من الثقة في الاقتصاد الأردني، وسوف ينعكس ايجابياً على الأفراد والأسر الأردنية من حيث تحسن الأوضاع.
• يرتفع عدد سكان الأردن بمعدل يفوق 3.2% في السنة لأن الزيادة الطبيعية السنوية في السكان تصل نحو 2.9% سنوياً من ناحية، وبسبب الزيادة في أعداد المهاجرين واللاجئين إلى الأردن بنسبة تقارب 0.3% سنوياً من ناحية أخرى.
• هذا لم يقابله في السنوات الثماني الأخيرة سوى زيادة تتراوح بين 2.2% و2.6% في الناتج المحلي الإجمالي. وبعبارة أخرى، فإن معدل دخل الفرد قد تراجع بنسبة تقارب 0.8% سنوياً. وتقول الإحصاءات الدولية الصادرة عن صندوق النقد الدولي إن ترتيب الأردن حسب معدل دخل الفرد بين الدول الأعضاء في الصندوق قد تراجع من المرتبة 89 عام 2019 إلى 117 عام 2023. وكذلك فقد حصل تراجع في عدالة توزيع الدخل حسب مقياس معامل الجيني أو ما يسمى (Gini Coefficient)..
ويضيف الدكتور العناني، انه أكثر ابهاجاً من حديث المحافظ شركس مقارنة مع حديث الوزير العسعس بالقول:
• أما محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس فقد قدم رواية حسنة وأكثر إبهاجاً من شريكه وزير المالية الدكتور محمد العسعس خلال المؤتمر الصحافي. لقد تبين من الإحصاءات النقدية أن الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي قد قفز إلى 19 مليار دولار وبالدنانير الأردنية.
• ارتفع هذا الاحتياطي من حوالي 14.1 مليار دينار في شهر سبتمبر/ أيلول 2023 إلى ما يقارب 14.6 مليار دينار في آخر العام.
• هذا يكفي لتغطية مستوردات الأردن لمدة ثمانية أشهر وزيادة، في وقت بلغت الودائع بالدولار لدى البنوك التجارية حوالي 10 مليارات دولار. وبذلك يبلغ مجموع موجودات الجهاز المصرفي الأردني من العملات الأجنبية حوالي 29 مليار دولار.
• بالطبع، فإن ارتفاع أسعار الفوائد قد ساهم في احتفاظ الأردنيين بالودائع بالدينار بسبب الهامش الذي يصل إلى حوالي أربع نقاط مئوية كفرق بين سعر الفائدة على الدولار وسعرها الأعلى على الدينار.
• حققت المصارف الأردنية خلال العام 2023 أرباحاً عالية نسبياً، ما يعكس استقراراً في وضع الجهاز المصرفي. في المقابل.
وبالرجوع الى مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، أشار المحلل المالي بهذا الخصوص الى النقاط التالية:
• يعكس رفع تقييم الأردن من قبل وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني إلى حد كبير قدرة البلاد على تحمل التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها. الاستمرار في تحقيق تقييم أعلى يمكن أن يؤدي إلى شروط قروض أكثر ملاءمة وثقة أكبر من المستثمرين.
• زيادة الدين العام بمقدار 2.7 مليار دولار خلال عام 2023 يعكس التحديات المالية التي تواجهها الحكومة. بحيث تعتبر الزيادة الدائمة في الدين العام مصدر قلق، خاصة عندما يتم تمويلها بالتزايد في الضرائب والرسوم.
• تزايد سكان الأردن بمعدل يفوق معدل النمو الاقتصادي، مما يعني أن معدل النمو للفرد تراجع. حيث يمكن أن يكون هذا عاملاً مؤثرًا سلبيًا على تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
• ارتفاع الاحتياطيات النقدية والاحتفاظ بمستويات عالية من الودائع بالدينار يشير إلى استقرار النظام المالي وثقة السكان في العملة المحلية.
• يعكس تحقيق أرباح عالية نسبيًا للمصارف استقرارها وقدرتها على إدارة المخاطر. ومع ذلك، يجب مراقبة أي تأثيرات سلبية على المستويات المعيشية للمواطنين نتيجة لتكاليف الفوائد العالية.
• بالمجمل، يظهر التقرير تحسنًا في بعض الجوانب الاقتصادية والمالية للأردن، مثل استقرار النظام المصرفي ورفع تقييم الائتمان، ولكنه يكشف أيضًا عن تحديات مالية مستمرة مثل زيادة الدين العام وتراجع معدلات النمو الاقتصادي بالنسبة للفرد.
أما في الجانب الاقتصادي يشير المحلل الاقتصادي في مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية الى النقاط التالية
• يشير تزايد الدين العام وتراجع معدلات النمو الاقتصادي إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية واقتصادية لتحفيز التنمية المستدامة. ومن بين هذه الإصلاحات قد تتضمن تعزيز القطاع الخاص، وتحسين بيئة الاستثمار، وتعزيز التعليم والابتكار.
• يعكس ارتفاع عرض النقد وزيادة سرعة دورانه تحسناً في أزمة السيولة. وهذا يشير إلى استجابة جيدة من النظام المصرفي والمالي للتحديات الاقتصادية.
• اما بخصوص معالجة التحديات الاقتصادية المتعلقة بالسوق العمل والسلع والخدمات. فان زيادة معدلات التضخم تضع ضغوطاً على مداخيل الأسر، وتقلل من قوة الشراء، مما يشكل تحدياً للحكومة لمعالجته.
• يعكس إعلان الصندوق الدولي للنقد عن دعم مالي لبرامج التصحيح والهيكلة الاعتراف بجهود الأردن في تحسين الاقتصاد والبنية التحتية. وهذه الدعم يعزز من قدرة الاردن على جذب الاستثمارات الخارجية وتنفيذ خطط التحديث الاقتصادي.
• يعتبر توفير بيئة استثمارية مستقرة ومواتية أمراً حاسماً لجذب الاستثمارات. مع ضرورة تحسين الإجراءات التشريعية والتنظيمية، ومكافحة الفساد، وتسهيل الإجراءات القضائية، الامر الذي يعزز من فرص النمو والتنمية.
• يشكل التمويل الضخم المطلوب لتحقيق أهداف التحديث الاقتصادي التحدي الأساسي. بنفس الوقت يتطلب تحقيق التمويل المطلوب إصلاحات هيكلية وجهوداً متواصلة لتحسين البيئة الاستثمارية وجذب الاستثمارات.
• تسهم الإصلاحات الشاملة في القوانين والسياسات الاقتصادية والتشريعات في تعزيز الثقة وجذب الاستثمارات. الالتزام ببرامج التحديث الاقتصادي يعكس التزام الحكومة بتحقيق النمو والتنمية المستدامة.
وبالعودة الى حديث كل من الدكتور العسعس والدكتور شركس يظهر هنالك تحسناً ملموساً في الوضع الاقتصادي والمالي للأردن، ولكن يبرز أيضًا التحديات المستمرة التي يجب مواجهتها من اجل تحقيق النمو والتنمية المستدامة، مما يتطلب جهوداً متواصلة لتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية.
وعلى الرغم من التحسن الذي يظهر في بعض الجوانب الاقتصادية والمالية للأردن، إلا أن هناك نظرة غير تفاؤلية تجاه الإجراءات المتخذة والتحديات المستمرة التي يواجهها الاقتصاد الأردني و المتمثلة بالمعطيات التالية :
• قد تكون الإصلاحات التي تم اتخاذها غير كافية لمعالجة التحديات الهيكلية العميقة في الاقتصاد. رغم جهود الحكومة في تعزيز البيئة الاستثمارية، إلا أنه قد يكون هناك حاجة إلى إصلاحات أكثر شمولاً وجرأة لتحقيق تغييرات جذرية.
• تظل التحديات الهيكلية المتجذرة مثل البطالة، وتدهور سوق العمل، وضعف البنية التحتية تشكل عائقاً أساسياً أمام تحقيق النمو المستدام والتنمية الاقتصادية.
• زيادة الدين العام والاعتماد المتزايد على القروض لسد العجز في الموازنة قد يزيد من عبء الدين على المستقبل، ويعرض الاقتصاد لمخاطر مالية إضافية.
• قد تكون هناك فجوة بين السياسات والتنفيذ الفعلي، حيث قد لا تتم متابعة تنفيذ الإصلاحات بشكل فعال أو قد يواجه الإجراءات تحديات تنفيذية.
• يظل الأردن عرضة للتأثيرات الجيوسياسية والإقليمية، مما قد يعرض الاستقرار الاقتصادي للخطر في ظل التوترات الإقليمية والتغيرات السياسية المستمرة في المنطقة.
بالمقابل تبقى هنالك العديد من المخاطر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني الأردني نتيجة زيادة المديونية لصندوق النقد الدولي. وأبرز هذه المخاطر تكمن في المعطيات التالية:
• زيادة المديونية تعني زيادة الضغط على الموازنة العامة للدولة، حيث يجب سداد الفوائد والأقساط على القروض المستحقة للصندوق الدولي.
• من الممكن أن تتطلب شروط القروض تقليصات في الإنفاق الحكومي، مما قد يؤثر سلباً على الخدمات العامة والمشاريع التنموية.
• تقليل الإنفاق الحكومي قد يؤدي إلى تقليل الوظائف الحكومية وتأجيل المشاريع الاجتماعية، مما يزيد من معدلات البطالة.
• قد تؤدي الإجراءات التقشفية إلى تدهور مستوى المعيشة للمواطنين، مما يزيد من الضغط الاجتماعي والتوترات.
• ارتفاع مستويات البطالة وتدهور المعيشة قد يزيد من التوترات الاجتماعية والاحتجاجات، مما يؤثر سلباً على الاستقرار الاجتماعي والأمني.
• تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي قد يزيد من مستويات الجريمة والتطرف، وبالتالي يشكل تهديداً للأمن الوطني.
وعطفاً على المعطيات السابقة، يبقى هناك تحديات مستمرة تواجه الاقتصاد الأردني، والتي قد تتطلب جهوداً إضافية وإصلاحات أعمق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام في المستقبل. وبالتالي يمكن أن تؤدي زيادة المديونية لصندوق النقد الدولي إلى تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الأردن، مما يتطلب اتخاذ إجراءات فعالة للتعامل مع هذه التحديات وتحقيق التوازن بين الاستقرار المالي وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
و على الرغم من كل التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن وعلى كافة المستويات، يبقى الأردن يشكل الرقم الصعب في منطقة الشرق الأوسط و على الساحة الدولية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، لما يتمتع به جلالته من تقدير و احترام من مختلف القيادات السياسية في العالم.
و في الختام لا بد لي من تقديم كل الشكر والتقدير الى أعمدة الاقتصاد الأردني الأساتذة الكبار كل من الدكتور العناني و الدكتور العسعس والدكتور شركس لدورهم الكبير في محاولة ابراز مواطن الضعف والقوة ( ( SWOT Analysis و أخذ الاقتصاد الأردني الى معارج التقدم و النجاح ، و الذين اكن لهم كل تقدير واحترام و تجمعني بهم علاقة مودة و محبة .
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@hotmail.com