يحتفل العالم في الرابع من أيار من كل عام بيوم المرور العالمي، تعبيراً عن الاهتمام بحوادث المرور، وما يتصل بها من آلام وخسائر وأضرار، مادية وبشرية على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات.
والأردن كواحدة من هذه الدول ليست بمنأى عن هذه الحوادث التي يذهب ضحيتها آلاف الوفيات، وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين سنوياً، وما ينتج عن ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وطبية وبيئة، لهذه الحوادث القاتلة.
فما تخلفه هذه الحوادث من قتلى وجرحى واعاقات، تبقى ذكريات مؤلمة، كوفاة المعيل الوحيد، والطفل الوحيد للأسرة، وأحياناً الأسرة بأكملها، مما يستدعي تضافر الجهود ونشر الوعي المروري بين جميع فئات المجتمع، وأن لا نكتفي بالاحتفال بيوم المرور العالمي واسبوع المرور العربي، ورفع الشعارات الرنانة، وأن لا يكون مبدأ ” الفزعة ” هو الأساس وخاصة عند وقوع الحوادث.
فلا بد من وضع الخطط الممنهجة، لتنفيذ برامج التوعية المرورية، وغرسها في عقول وقلوب الأطفال، منذ نعومة أضافرهم، من خلال الندوات والمحاضرات، وورش العمل، وتثقيفهم مرورياً، واقناعهم بأهمية الالتزام بآداب المرور، وقوانين السير، حفاظاً على أرواحهم، وحياتهم، لا سيما وأنهم من أكثر الفئات التي تتعرض لحوادث المرور القاتلة.
فلا يمكننا أن نلقي اللوم على جهة دون أخرى، فالحد من حوادث السير، مسؤولية مجتمعية، تقع على عاتق المجتمع بأسره، ابتداءً من الأسرة، والمدرسة، والجامعة، والمسجد، والجمعيات، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات والدوائر الحكومية، والأمنية.
فالقيادة فن وذوق واخلاق، واذا ما حدث خلل في هذا الثالوث، فمن المؤكد أن تحصل الحوادث القاتلة، فليس من الأخلاق استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أثناء القيادة، وليس من الأخلاق مخالفة قوانين وقواعد السير، من سرعات زائدة وتجاوز للإشارة الضوئية الحمراء، وتغيير المسرب بشكل خاطئ ومفاجئ.
لا ننكر وجود بعض الطرق المتهالكة، والنقاط المرورية السوداء التي تكثر فيها الحوادث، والتي لا بد من عمل الصيانة اللازمة لها، ولا ننكر الجهود التي تبذلها الجهات المعنية، والإدارات المرورية، للتخفيف من حوادث السير، كوضع مهدئات السرعة من مطبات وازرار، وعلامات أرضية ، وكاميرات المراقبة، وتغليظ العقوبات ، ومع ذلك نشاهد بأم أعيننا إصرار بعض السائقين على ارتكاب المخالفات القاتلة، متجردين من انسانيتهم واخلاقهم، ضاربين بالأخلاق والآداب والقوانين عرض الحائط، مستهترين، وغير مبالين، متجاهلين قول الله سبحانه وتعالى، ” من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا” صدق الله العظيم