صدى الشعب – يصادف الثالث من أيار اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفقا لما حددته الأمم المتحدة، بحثا عن فضاءات متاحة للعمل الصحفي تبتعد عن الإقصاء وتكميم الأفواه أو القيود والرقابة.
يتساءل متخصصون عن كيفية الاحتفال لهذا العام، وضمن أية معايير للحرية والأخلاق والإنسانية في ظل ما يترجم على أرض الواقع في قطاع غزة من اغتيالات واستهدافات للحقيقة وللقلم والصورة، ووأد مكتمل الأركان للجسم الصحفي جراء ممارسات الكيان المحتل في عدوانه الممنهج على القطاع.
وقال وزير الإعلام الأسبق المهندس صخر دودين لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، في اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفي الذكرى 31 للإعلان عنه، جرى تخصيص موضوع
(صحافة من اجل الكوكب) ليكون عنوانا للصحافة في مواجهتها للأزمة البيئية المتمثلة بالأزمة الكوكبية الثلاثية “تغيير المناخ، فقدان التنوع البيولوجي، تلوث الهواء”.
وأضاف: بينما يفرض العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة نفسه بقوة، تفضح مأساة غزة ادعاءات حرية الصحافة بعد أن اغتالت إسرائيل حوالي 146 صحفيا أثناء ممارستهم لعملهم خلال أقل من ستة أشهر، كما استهدفت كل صحفي أو مصور أو إعلامي أو حتى ناشط اجتماعي على السوشال ميديا، بالقتل العمد والتصفية الجسدية وملاحقة عائلاتهم، ضاربة بعرض الحائط كل القيم والمبادئ والأعراف والقوانين والمعايير الدولية التي تقوم على حماية الصحفيين، وضمان حرية التعبير ونقلهم الموضوعي والميداني للأحداث كافة.
وأشار إلى ممارسات إسرائيل العدوانية وغير القانونية وغير الأخلاقية التي تنتهجها ضد العزل القابعين تحت احتلالها وسيطرتها، ولا سيما الأطفال والنساء الذين استهدفتهم بشكل مباشر ومقصود بنسبة حوالي 75 بالمئة من الشهداء.
وأوضح أن إسرائيل كشفت عن وجهها الحقيقي القبيح أمام العالم بأسره، لافتا في هذا الصدد إلى الاعتصامات الطلابية في معظم الجامعات الأميركية التي تنادي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
وقال دودين لقد وقف الأردن منذ اليوم الأول، قيادة وحكومة وشعبا، ضد العدوان الغاشم، مطالبا بوقف فوري لإطلاق النار، والسماح بإدخال المساعدات لكل جزء عزيز من غزة، محذرا من مغبة التهجير القسري للغزيين خارج حدود القطاع.
وثمن موقف الإعلام الأردني الرسمي والخاص والشعبي المشرف والواضح الذي يسلط الضوء دائما على أساس المشكلة المتمثلة بهذا الاحتلال الاستعماري الإحلالي البغيض غير القانوني وغير الأخلاقي، وهو الأطول في التاريخ المعاصر، وربما الأشد بطشا وغطرسة وعنصرية.
وبين أن الموقف الرسمي المشرف الذي يدعمه الموقف الشعبي ويتماهى معه، أكبر الأثر في تمكين وتعزيز دور الإعلام الأردني بإرساء رسالته النبيلة إلى للعالم أجمع من اجل إظهار الحق الفلسطيني مقابل الباطل الذي يمثله العدو المحتل الغاشم الغاصب.
وقال المستشار القانوني في نقابة الصحفيين المحامي محمود قطيشات إن العاملين في مجال الإعلام يزداد تعرضهم لخطر الإصابات أو الموت أو الاحتجاز أو الاختطاف عندما ينقلون الأخبار في حالات النزاع المسلح، مطالبا باحترام الصحفيين المدنيين المكلفين بتغطية النزاعات المسلحة، وحمايتهم من أي شكل من أشكال الهجوم المتعمد وفقا للقانون الدولي الإنساني الذي يسبغ على الصحفيين المدنيين الحماية.
وأضاف إن اللجنة الدولية تستشعر القلق ازدياد وتيرة العنف ضد الصحفيين وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام أثناء النزاعات، ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم من كل أشكال الهجوم المتعمد.
ولفت إلى أن المادة 79 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف عام 1949 تنص على “يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصا مدنيين، وتجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات شريطة ألا يقومون بأي عمل يسيء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين “.
وأشار إلى دراسة اللجنة الدولية عن القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني (2005) في قاعدتها 34 من الفصل العاشر التي نصت على ” يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية في مناطق نزاع مسلح ما داموا لا يقومون بجهد مباشر في الأعمال العدائية”.
وتستند ممارسات الدول إلى هذا المبدأ على أنه قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي الذي ينطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حد سواء.
ودعا قطيشات إلى تعزيز واحترام القوانين التي تحمي الصحفيين ضد الهجمات، وأن على جميع أطراف النزاع أن تلم بهذه القواعد وتتذكر مسؤولياتها ذات الصلة، ولاسيما القوات المسلحة وقوى الأمن وكذلك الأطراف من غير الدول.
كما دعا الصحفيين أن يكونوا على استعداد لمواجهة أخطار النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى من خلال التدريب والأشكال الأخرى من التوجيه والدعم، وأن يحظوا بدعم أصحاب العمل.
وقالت عضو اتحاد الكتاب والصحفيين العرب في اوروبا الدكتورة دانييلا القرعان إن الصحفيين هم المؤتمنون على حق الأفراد والشعوب في معرفة الحقيقة خاصة في أوقات الحرب والنزاع، مشيرة إلى أن البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977 تناول بندا خاصا تضمن مجموعة من التدابير الخاصة بحماية الصحفيين وقت الحرب، وفي مقدمتها النص صراحة على وجوب حمايتهم باعتبارهم أشخاصا مدنيين.
وأضافت، إن الحرب الهمجية على قطاع غزة فضحت حرية الصحافة في العالم، ومع هذه الحرب أدركنا أن الصحافة في خطر، ولا يوجد من يقدم لها الحصانة والأمان حتى تقوم بعملها الذي سنته التشريعات والقوانين الوطنية وكذلك الدولية.
وتابعت إن خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين جاءت بهدف خلق بيئة آمنة وحرة للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في حالات النزاع، واعتبار محطات التلفزة والمقرات الصحفية أعيانا مدنية يتوجب حمايتها، متسائلة أين التطبيق على أرض الواقع في ظل ما يحصل للصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة دون محاسبة لإسرائيل عن عمليات القتل التي يتعرض لها زملاء المهنة.
وأشارت إلى أن المعركة الإعلامية في غزة لا تقل أهمية عن الحرب التقليدية نفسها، بعد القتل الممنهج الذي يستهدف به العدو الإسرائيلي الصحفيين والإعلاميين ومقرات عملهم، دون محاسبة.
وقالت أستاذة العلوم السياسية والمختصة بالشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر إن عدد الصحفيين الذين اغتالتهم آلة الحرب والقتل المتعمد في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر بلغ إلى يومنا (141) صحفيا وصحفية بحسب التقارير الرسمية ممن وثقت أسماؤهم في قيود نقابة الصحفيين الفلسطينيين.
وتابعت إن المشهد في غزة فضح التوجهات العالمية التي تتحدث عن حرية الإعلام، وكشف أن الحصانة الممنوحة للجسم الصحفي أوهن من بيت العنكبوت، فلم تردع بزة العمل الصحفي وحتى الشعار والخوذة المثبت عليها كلمة (press) عن استهدافهم جميعها، ولم تتركهم آمنين بل خلقت منهم أهدافا سهلة الرصد انتهت باغتيالهم.
ولفتت إلى أن هذه الاغتيالات تأتي ضمن سياسة إقصاء الحقيقة، بل ومحاولة طمسها تماما، والحيلولة دون نقل تلك المجازر التي وصلت حد الإبادة وجرائم الحرب أمام العالم لوضعهم عند حدود مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية والأخلاقية.
واشارت إلى أن الكيان المحتل تعمد تدمير كافة المقرات الصحفية والبنى التحتية المخصصة للعمل الصحفي داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى إصدار قانون عرف بقانون الجزيرة أقر عبر الكنيست لمنع واحدة من أهم الفضائيات من تصوير ونقل الحقيقة، لتغييب الحقيقة في ظل اعتماد الكيان ذاته على الإعلام العسكري الخاص به لتسويف وتزوير الحقائق وتشويه الواقع.
وسلطت جبر الضوء على الإعلام المحلي الأردني الرسمي والخاص وكيفية تعاطيه مع أحداث طوفان الأقصى، فكان مع الحدث ضمن تغطية مسؤولة استطاعت كشف الوجه الحقيقي للكيان المحتل، وبيان ما يدور ميدانيا، فوضعت النقاط على الحروف ضمن نقل وتغطيات وتحليلات صحفية سلطت الضوء بالكامل على أحداث غزة، فكانت نصيرا ومساندا لهم.
وقال استاذ الإعلام بجامعة الشرق الأوسط الدكتور عزت حجاب إن الحرب على غزة تعد نقطة سوداء في تاريخ حرية الصحافة مع هذا العدد من الصحفيين الفلسطينيين الشهداء الذين بلغ عددهم 146 شهيدا، مشيرا إلى أن إسرائيل عملت على تضليل وحجب الحقيقة، وعدم إيصالها للعالم من خلال عدم السماح لمرور المراسلين الأجانب للوصول إلى غزة، وعدم تغطية الأحداث التي تدور حول واقع غزة المؤلم.
وبين أن الصحافة الأردنية كان لها دور واضح وحقيقي عما يدور من أحداث في غزة لكشف كل الممارسات الوحشية والاعتداءات على أهالينا في غزة، وكانت الصحافة الأردنية أيضا وما زالت فعالة ومتعاونة في الحرب على غزة بعدالة ونقل الصورة كما هي للجمهور.
وقالت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني إن ما تقوم به دولة الاحتلال منذ بداية العدوان على قطاع غزة من استهداف وقتل واعتداء مستمر على الصحفيين، بالإضافة إلى القتل المتعمد للأفراد والاستهداف المباشر لهم، وسيلة تستخدمها لمنع وصول الحقائق إلى العالم، وتعتيم المشهد الإعلامي العالمي لصالح رواية واحدة، وهي رواية الاحتلال.
وبينت أن خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب اعتمدت مجموعة من التدابير الهادفة إلى ضمان سلامة الصحفيين في مناطق النزاع، وحثت الدول على أن التحقيقات المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين تبقى من مسؤولية الدول، والتي يتوجب أن تتخذ كل الإجراءات القضائية الفعالة، مشيرة إلى أن قتل الصحفيين في قطاع غزة يشكل موجبا للمساءلة الدولية على صعيد دولة الاحتلال ذاتها، وعلى صعيد محاكمة قادة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال نائب نقيب الصحفيين الأردنيين الزميل جمال اشتيوي إن الاحتلال الاسرائيلي ارتكب جرائم فظيعة بحق الصحفيين الفلسطينيين، لم يشهد لها التاريخ مثيلا من حيث الكيفية والعدد، لمنعهم من نقل جرائم الإبادة التي ما يزال يرتكبها داخل قطاع غزة، وجرائم القتل والتعذيب في الضفة الغربية، واتبع العدو الصهيوني أسلوبا وحشيا لإخافة الصحفييين الفلسطييين وترويعهم وعائلاتهم.
وبين أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الصحفيين بالقتل والتنكيل والاعتقال وإغلاق المحطات، مشيرا إلى أن التقرير السنوي الصادر عن نقابة الصحفيين الفلسطينين لعام 2023 يفيد بتعرض 80 مؤسسة صحفية و9 مطابع للإغلاق من أجل تصدير روايته التضليلية فقط للعالم استمرارا لنهجه القديم في تزوير الحقائق وغسل العقول.
وطالب اشتيوي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ودول الاتحاد الافريقي ودول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الآسيوية ومجموعة دول أميركا اللاتينية ودول حركة عدم الانحياز بالتقدم بطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لفصل إسرائيل من عضوية هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها على خلفية ارتكابها جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني عموما، والصحفيين خصوصا.
وقال إن الإعلام الأردني ما زال متقدما في الانحياز للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، ونظمت نقابة الصحفيين الفعاليات المؤازرة من اعتصامات سواء أمام النقابة أو المؤسسات الإعلامية، واصدرت عشرات البيانات الداعمة للصحفيين الفلسطينيين.
وأشاد بموقف الإعلام الأردني الرسمي والخاص الذي كان وما يزال رأس حربه في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد العدوان الهمجي، وفي كشف رواية الاحتلال الزائفة، وإبراز جرائمه ووحشيته
بترا – إيمان المومني