الكرك بوابة الوطن، وحاملة المشروع الوطني في التَّأسيس والتَّسييس، الكرك التي ثارت على الأجنبي كبرياء وكرامة، وقادت كلَّ مضامين العون لآل هاشم في البناء والمنعة، ومعارك التحرير والدفاع، رجال الهيَّة الذين صنعوا فارقاً في الإنجاز والإعجاز الأردني الخالد، وما خرج منها صانع وهمٍ أو غارق حلمٍ، أهلها رجال دولة ووطن، وترابها عراقة زمن.
والبادية صنو الكرك وحزامها المتين كما هي إربد والبلقاء ومعان، وكل حواري الأردن وقراه، والبادية عون القائد، وسراة الليل الأشاوس الذين يحمون الثُّغور؛ حتى إذا بلغ الفطام فيهم رضيع؛ استنهضوا به قيّم الرُّجولة والجسارة، وإكرام الضيف، ما عرفوا سفارة، وما أطفأوا من إنجازات الوطن منارة، عانوا وما هانوا، وجاعوا وما باعوا.
لقاء الكرك والبادية في بيت الكرك الأصيل بحضور رجالات الوطن من كل حدبٍ وصوبٍ تجديد لبيعة صادقة رافقت بواكير التأسيس؛ بيعة شريفة لا قبلها ولا بعدها، بيعة بحجم الشَّرف؛ بعيدة كل البعد عن المقامرة والمغامرة وحسابات ساسة اليوم المثقلة بالمصالح والمطامح المشّوهة، وتفاهمات أقبية الليل الخبيثة.
مبادرة الكرك النَّبيلة وغير المسبوقة في الوطن منذ المؤتمرات الوطنية الأولى في مطلع القرن الماضي تعبّر عن سعة أفق المبادرين، ونبل نواياهم الوطنية، مبادرة حملها من تربّوا وكبروا في بيوات آل هاشم الأخيار، “إخوان خضرا” وأحفاد “أبو السيفين” وأبناء هزاع وحابس ودميثان وعبد الهادي وعبد السلام وغيرهم كثر.
هذه هي الكرك؛ التي يتحدث فيها يوسف “باشا” القسوس؛ تلك القامة الوَّطنيَّة التي خدمت الكرك كما هو الوطن، وأضافت إلى سفر الأردن الخالد خطاباً وطنياً يتجاوز فيه محددات الدين والعرق والمكان، الكرك هي الأمَّيز، والوطن هو الأوحد الذي يجسّد هذه اللحمة الخالدة بين الأردنيين، ورجالات الكرك على اختلاف عشائرهم يشكلّون إحدى رواسي الوطن الكبار.
لقد فعلتها الكرك وأيقظت في دواخلنا حنين الماضي الأصيل، وأدركنا معه أن الهويَّة الوطنية الأردنية ستبقى شامخة في الألى رغم كل محاولات التذويب والإنكار، وسيبقى العهد وعد؛ بأن لا تنكس للأردن وعرشه راية وفي رمقنا حياة، ولا بدَّ من الكرك والرَّبَّة ولو طال الزمن،،،،،،