كتب -المهندس مهند عباس حدادين
كشفت زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن إلى الصين مؤخرا حجم الخلافات بين البلدين فبعضها ظاهر والآخر مبطن ،فالنزاعات الجيوسياسية في ثلاثة بؤر عالمية وهي أوكرانيا، الشرق الأوسط -غزة ،وجزيرة تايوان، إذ تلعب الصين دورا محوريا بنظر الولايات المتحدة حيث تقف الصين عائقا أمام أي نتائج إيجابية قد تحققها الولايات المتحدة في هذه النزاعات الثلاث، وكذلك ترى الولايات المتحدة أن هناك خلافات مبطنة وهي كبح جماح الإقتصاد الصيني الذي بدأ يشكل خطرا حقيقيا على إقتصاد الولايات المتحدة.
لذلك تريد الولايات المتحدة تحقيق أهدافها المعلنة من خلال البؤر الثلاثة السابقة التي لم تحسم اي منها لغاية الآن إضافة إلى تحقيق هدفها الرئيس غير المعلن وهو كبح جماح الإقتصاد الصيني،لذلك قامت الولايات المتحدة بخلط الأوراق.
الورقة الأولى: إتهام الصين بدعم روسيا كسبب حقيقي لعدم حسم الحرب الروسية-الأوكرانية لصالح الغرب.
الورقة الثانية: خوف الولايات المتحدة على مصالحها وتواجدها في الشرق الأوسط في حال تهور إسرائيل في توسعة الحرب،والاشتباك المباشر مع ايران وأذرعها الفاعلة في المنطقة،فالولايات المتحدة تدرك أن الصين قد تلعب دورا كبيرا في تهدئة المنطقة اذا انزلقت إلى اللامجهول،رغم أي إغراءات قد تقوم بها الولايات المتحدة تجاه إيران من رفع عقوبات إقتصادية وأهمها تصدير النفط والتخفيف في البرامج النووية والصاروخية.
الورقة الثالثة:جزيرة تايوان وتهديد الصين لها ولحلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا.
في المقابل وضعت الولايات المتحدة الأوراق الثلاثة في كفة والإقتصاد الصيني في كفة أخرى،لأن الولايات المتحدة تريد العلاقات الإقتصادية مع الصين لكن بالسرعة التي تحددها وبإستخدام مكابح خاصة بها للسيطرة على الإقتصاد الصيني، وخصوصا بأن الولايات المتحدة تشعر الآن بأنها فقدت هذه السيطرة وأصبحت تميل بتسارع كبير تجاه الصين،وهذا ما يحصل الآن على أرض الواقع.
لذلك فإن الولايات المتحدة أرسلت رسالة واضحة للصين بأن أي تأثيرات سلبية او عدم تدخل إيجابي لصالح الغرب سيؤثر على الإقتصاد الصيني من خلال سلسلة عقوبات مؤلمة تريد أن تعاقب فيها الصين،وبالتالي حسب العقيدة الصينية التي تفهمها الولايات المتحدة ،بأن المصالح الصينية الإقتصادية لها الأولوية في عدم الدخول بصراعات جيوسياسية.
فما تتوقعه الولايات المتحدة من الصين في الفترة القادمة هو حياديتها في اي صرعات مستقبلية وبالتالي محاولة غير محسوبة لتحجيم الصين،وهذا سيكون ضد عمل مجموعة بريكس والتي تتسيدها الصين وتحاول بقوة السيطرة على الإقتصاد العالمي من خلال العمل على تحييد الدولار للفترة القادمة وبالتالي ضرب الإقتصاد الغربي بشكل عام وإقتصاد الولايات المتحدة بشكل خاص،وهذا قد يؤدي إلى إقحام الصين بالتوترات الجيوسياسية وخصوصا في جزيرة تايوان بوتيرة متسارعة قد تؤدي إلى نشوب حرب .