لا بد من تحرك عربي إسلامي دولي فوري، عبر منظمة الأمم المتحدة، لتشكيل لجنة تحقيق جنائية دولية مختصة، للنظر في التقارير التي تتحدث عن جرائم بشعة غير مسبوقة قامت بها قوات الاحتلال الصهيوني بحق المئات من الشعب الفلسطيني، في مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس في قطاع غزة.
التقارير الإعلامية، التي غزت منصات التواصل، لا تتحدث فقط عن مقابر جماعية بعد مجازر ومذابح قوات الاحتلال هناك بحق المئات من العائلات والأفراد، بل عن سادية إجرام مقززة للنفس البشرية، والتي شملت، إن صحت التقارير، دفن أناس أحياء بعد تعذيبهم، وتعمد قتل أطفال، وتشويه الجثث، وشبهات سرقة أعضاء بشرية، وتكبيل الأسرى بقيود بلاستيكية قبل تصفيتهم ميدانيا، ما يعبر عن فظاعة الكراهية والحقد واللاإنسانية المفرطة صهيونيا ضد الشعب الفلسطيني.
وإن صح الأمر، بعد تحقيق أممي مستقل ومحايد وشفاف، فلا بد من قرار دولي لتشكيل محكمة دولية مختصة للقصاص من مجرمي العصر من بني صهيون، الذين يعيثون في قطاع غزة فسادا بلا ضوابط أخلاقية، ولا حسيب ولا رقيب.
صحيح أن كل مجازر العدو الصهيوني بحق غزة الصمود وأهلها الصابرين، لأكثر من 200 يوم حتى الآن، تحتاج من البشرية إلى تشكيل محاكم جنائية واحدة تلو الأخرى، وليست محكمة واحدة، لكن كشف ما حدث في مجمع ناصر الطبي، تحديدا، سيشكل صدمة أممية تعري عقلية الإجرام التي تحكم قادة جيش الاحتلال وسلوكهم القذر، وتظهر مستواهم المتدني غير الحضاري في التعامل مع المدنيين أوقات الحرب والتعمد في تدنيس كرامتهم الشخصية والجماعية، ما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ليكن التحرك الدولي مشابها لما حدث في البوسنة والهرسك في منتصف التسعينيات، عندما “لعبت الأدلة الجنائية المستقاة من استخراج الجثث من المقابر الجماعية في مذبحة سربرينيتشا، والتي قتلت فيها القوات الصربية ما يزيد على 8000 من المسلمين، دورا حاسما في قرار المحكمة الجنائية الدولية للأمم المتحدة في ذلك الوقت”.
لا يجب أن يفلت الصهاينة من تبعات جرائم الحرب التي يرتكبونها في غزة، خصوصا مع حالة التعاطف العالمي التي بدأت تتعاظم في مختلف أرجاء المعمورة، لا سيما مع انتفاضة الجامعات الأميركية، وتتبعها الآن جامعات أخرى في العالم، نصرة لغزة وأهلها المظلومين، حسبهم الله ونعم الوكيل.
علينا عربا أن نكون من يقود دفة الأمم المتحدة للمطالبة فورا بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، والخروج بقرار أممي لتشكيل لجنة التحقيق الجنائية الدولية، وليكن مجمع ناصر الطبي، كما كانت سربرينيتشا، شرارة الانتفاضة الدولية، لمحاكمة وإدانة سفاحي القرن الواحد والعشرين من بني صهيون.
ولنتذكر أن العالم الحر، صاحب الضمير الحي، لا يموت. ولهذا ستبقى قضية الشعب الفلسطيني قضية الشرفاء في العالم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما تضاربت المصالح، وتاهت الأولويات، وتعاظمت الجراح.