صدى الشعب – كتب كامل النصيرات
في البداية؛ سأخترع شخصيّة أسمّيها «ظلّي»؛ تتماهى معي تمامًا، هدف هذه الشخصية أن أطرح عليها ما أشاء من الأسئلة؛ في السرّ وفي العلن؛ أسئلة جادّة وأسئلة سخيفة وأسئلة عميقة وأسئلة ساخرة؛ لأنني شخص ثقيل الدم وأسئلتي عن الرحلة سيولٌ جارفة ومعرفتي تكاد تكون جهلًا مُطبِقًا؛ لذا لا بدّ من اختراع ظلّ لي يحتملني في كلّ حالاتي ويجيب عن كلّ أسئلتي بلا تذمّر ويكون هو «صديقي الأنتيم» بحقٍّ وحقيق..!
اليوم؛ فقط سأحدثكم عن وصولنا للمطار؛ أكرم الزعبي ومحمد العامري وعبد السلام صالح وظلّي وأنا.. أوصلنا هناك «نصر حمام» مدير رابطة الكتّاب باستثناء أكرم الذي ذهب بسيارته ووضعها في المواقف الاقتصادية للمطار وأنا وضعتُ سيارتي أمام مبنى الرابطة في اللويبدة.. بعد أن أخذتُ حقيبة متوسطة الحجم ولكن ممسك اليد فيها مدمّر ولا تصلح للجرّ ومعي لاب توبي ..
التذاكر إلى سلطنة عمان «دايركت» يوم الثلاثاء 16/4 .. واكتشفتُ كم كنتُ غبيًّا بحقيبتي المشلولة (فاقدة ممسك الجرّ) لأن حمل الحقيبة كان أوّل القهر والتذمّر..! كان أكرم قد سبقنا .. دخّنا سيجارة.. قبل أن ندخل بوابة «المغادرون» ونصبح وجهًا لوجه مع جنسيّات وأعراق عديدة.. وظلّي يراقبني ويبتسم.. يهزّ رأسه.. تعال ووشوشني أيّها الظّل.. لم يأتِ ولكنه قال بصوت عال أمام الجميع: لستُ ظلّك؛ بل أنت ظلّي.. أعجبتني الحكاية وقلتُ له: ما أجمل أن تكون أنت الأصل وأنا الظلّ.. وعلى الأصل أن يحتمل الظل مهما طال وقصر واختفى وظهر ومهما كان غبيًّا أو تغابى أو كان سخيفًا.. دون أن يتذمّر الأصل من الظل في السرّ والعلن..!
بعد وقوف في الطابور الطويل قرابة الساعة.. وبعد «جقّ ولقّ» في الكلام الطالع والنازل.. وبعد تعب قدميّ من الانتظار وصل الدور لنا على كابينة فحص التذاكر.. لتكون الصاعقة: تذاكرنا بلا تأشيرات.. ولن نستطيع السفر إلّا إذا جاء الأمر من الطيران العُماني.. وهذه التذاكر كأنها لم تكن.. تكركبنا .. لكنّ الجميل أكرم الزعبي تصدّى للأمر وتواصل فورًا مع الأستاذ سعيد الصقلاوي رئيس جمعية كتّاب عُمان.. ووعد بحل الموضوع الآن.. وبقينا في الطابور.. ولكنّ الأصل يهزأ بي وأنا أضحك لأنه صنع لي جوًّا من سحب التوتر.. رغم أنه انسحب بعد قليل من الطابور وجلس على مقعد وحده وهو لا يفارق موبايله ومسجاته ..!
انتظروني.. فما زلنا عالقين بالمطار..هل نسافر «دايركت» أم لا سفر بالأصل مع الرفاق والأصل؟.