ماجد توبه
قد يصعب على البعض استساغة كلمة “انتصار” الشعب الفلسطيني ومقاومته في حرب الابادة الجارية في قطاع غزة وتجد امتداداتها في الضفة الغربية المحتلة! فبالمقاييس العسكرية في الانطباع العام الاولي، تمكنت اسرائيل من تحويل غزة الى مقبرة مفتوحة ودمارا واسعا وحصارا خانقا طال لقمة الخبز لمليوني انسان. وهي ما تزال تعربد وتهدد استنادا لقوتها الاستراتيجية الكامنة بالدعم المفتوح من القوة العظمى الاولى بتحقيق انتصارات موهومة في كل ساحات التهديد التي تواجهها: من غزة الى ايران مرورا بالضفة الغربية ولبنان والعراق واليمن وسوريا.
نقول قد يبدو حكما عاطفيا القول بفشل اسرائيل الاستراتيجي وانتصار الشعب الفلسطيني ومعسكر اعداء اسرائيل من المقاومة، لكن بالتحليل الهاديء وبالاستناد حتى لاراء مراكز التحليل الاستراتيجي والخبراء العسكريين فان مصطلحي “الانتصار الفلسطيني” و”الانكسار الاسرائيلي” هما التعبير الحقيقي والواقعي على الارض، وتجد انعكاسهما في التخبط الذي يقع به نتنياهو وتعمق الانقسام الداخلي الاسرائيلي وتكرس الفشل فيما يسمى بعقيدة “الجدار الحديدي” لاسرائيل التي تمثلها قوة الردع لاعداء الكيان السرطاني.
آخر اوجه الفشل الاستراتيجي الاسرائيلي الذي تكرس منذ انطلاق طوفان الاقصى في اكتوبر الماضي، جاء بخسارة اسرائيل جولة المنازلة الاستراتيجية مع ايران عندما عجزت عن تنفيذ نظرية الردع “المقدسة” والحيوية لامنها مع ايران، بالرغم من ان اسرائيل ونتنياهو تفلتا لسنوات طويلة على ضرب ايران وقدراتها النووية والصاروخية استباقيا وعندما جاءت الفرصة اليوم، وجدت نفسها عاجزة لان ملف الخسارة الاستراتيجية واستنزافها مستمران في غزة وفي الجبهة اللبنانية، واي اشتباك حقيقي مع ايران سيفاقم حجم الانهيار للجبهة الداخلية الاسرائيلية ويكرس الفشل الامني بحماية ما هو داخل “الجدار الحديدي”!
عودة لغزة والخسارة الاستراتيجية المتراكمة، والتي يحاول نتنياهو ان يهرب منها بالتهديد باجتياح رفح والزعم بقدرته على سحق “ما تبقى من حماس”، فهو يفاجا بان كل الدمار وقوة النار الملقاة على رؤوس الغزيين والابادة والتدمير لم تجلب له استسلاما من المقاومة، ليحقق هدفي العدوان الرئيسيين: اعادة الاسرى الاسرائيليين احياء واخراج المقاومة من الخدمة وانهائها.
كل الحديث الاسرائيلي الداخلي اليوم هو في فشل اسرائيل ونتنياهو بتحقيق هذين الهدفين الرئيسيين للحرب، ويبدو على الاقل ان الهدف الاول وهو الوصول لصفقة لاستعادة الاسرى ويبدو على الاقل ان الهدف الاول وهو الوصول لصفقة لاستعادة الاسرى بات سرابا ولن يتحقق دون ثمن يعتبره نتنياهو باهظا وهو وقف العدوان والانسحاب من غزة.. والاهم بالنسبة لنتنياهو انه سيحفر قبره بيده ان اوقف الحرب اليوم. في المقابل لا تستطيع المقاومة المقامرة بتوقيع صفقة تعطي نتنياهو نصرا باستعادة الاسرى ثم يعود ويدمر ما بقي من غزة، فهذا خيار انتحاري ليس للمقاومة فقط بل لغزة.
الدائرة الجهنمية للفشل المتراكم لنتنياهو وجيشه وحكومته تكتمل بالفشل عن ردع حزب الله عن استنزافه شمالا، وابقاء مستوطنات الشمال خاوية على عروشها، لتنضاف الى النزوح الذي يستمر في مستوطنات غلاف غزة. دع عنك ايضا ما يحققه اليمنيون من خلط وانجازات في ضرب الاستقرار الاقليمي والدولي في اهم الممرات البحرية دعما لغزة.
لكل ذلك، لن تجد في اسرائيل من يقول اننا انتصرنا في حربنا، حتى نتيناهو ذاته، بل ان دعاة التصعيد والاستمرار بالحرب لديهم يتحدثون فقط عن ضرورة الاستمرار بالتدمير وفتح الجبهات لتحقيق نصر موهوم يعدون به مجتمعا منقسما ومنهارا داخليا بعد ان انهارت كل نظريات عقيدته الاستراتيجية والقومية بالامن والاستقرار وقوة الردع!