ماجد توبه
هو سؤال يطرحه البعض من باب حسن النية، ويستدعيه بقوة حجم الدمار والتدمير والمجازر حد الابادة التي طالت كل جزء من القطاع المنكوب. البعض لم يعد يرى جدوى او انجازا لصمود وثبات المقاومة فيما يمعن العدو الصهيوني بتركيز نيرانه واجرامه وحصار التجويع والعلاج على مئات الاف المدنيين الابرياء دون ان تستطيع دولة او مؤسسة اممية من وقف حرب الابادة المستمرة في غزة.
هو سؤال – كما قلنا- يطرحه البعض الفلسطيني من باب حسن النية، في محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه من بشر وبيوت وبنى تحتية في غزة، ومن باب وقف حرب التجويع والحصار والسماح لسكان غزة التقاط انفاسهم بعد الاشهر الستة الماضية من الموت المشرعة ابوابه على مصاريعه، في هذه البقعة من العالم التي تخلى او تواطأ عليها العالم!
الارقام والاحصاءات التي تصدرها المنظمات الاممية حول الاوضاع الانسانية في غزة ترسم صورة قاتمة وفاجعة لم يشهد مثلها التاريخ، سواء من ناحية قتل اكثر من 30 الف غزي، اكثرهم من النساء والاطفال، وبدء موت الناس بالجوع، وترك 50 الف امراة حامل بلا اي علاجات او قدرات صحية على ولادة بظروف صحية امنة، وحرب الاستهداف الممنهجة على نخب الشعب الفلسطيني من اطباء وعلماء ومهندسين وتقنيين واعلاميين، اي كل من تحتاجه عملية اعادة بناء غزة بعد الحرب واعادة الحياة لها.
لكن مقابل هذه الاسباب والحجج التي تدفع البعض الى المطالبة بضرورة تسليم المقاومة، ثمة منطق وحجج اقوى تؤكد ان لا امكانية للتراجع او التسليم امام الة الاجرام الصهيونية رغم فداحة الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالشعب الفلسطيني بهذه المعركة الملحمية..
فاي استسلام او رفع الراية البيضاء من قبل المقاومة الفلسطينية البطلة امام العدو لن يوقف هذا الاخير عن مواصلة مخططاته وحرب ابادته ولجوئه للمرحلة اللاحقة وهي حرب التهجير القسري. ما سيحدث في حالة الرضوخ والاستسلام للمقاومة هو مزيد من العربدة والاجرام الاسرائيلي، لكن دون مقاومة وقدرة على الحاق الاذى بجنود العدو.
تجارب اسرائيل حافلة بانقلابها على اتفاقات وقف اطلاق النار وربفع الراية البيضاء للمقاومة الفلسطينية، كان اخرها في حرب بيروت، حيث استغلت اسرائيل خروج المقاومة من لبنان لترتكب مجازر يندى لها جبين الانساية كان على راسها صبرا وشاتيلا. كما انه لم يعد خافيا ان العدو الصهيوني يعد بصورة لا تخطئها عين لاشعال حرب اهلية في غزة بعد صمت المدافع، عبر تاليب البعض من عشائر ومجموعات بشرية او حتى تيار نافذ في فتح والسلطة يعرون باستلام السلط بغزة على الرغم –وهنا وجب اتاكيد- ان اغلب قواعد وقيادات فتح ترفض توجهات اتيار النافذ في فتح والسلطة المدعوم من اسرائيل وامريكا.
ليس امام المقاومة الفلسطينية الا الصبر والثبات، واستمرار التمسك بورقة الاسرى الاسرائيليين، ومواصلة حرب الاستنزاف والعصابات مع قطعان العدو المتوغلة في غزة، ولا يجب ان ينكر احد ان استنزاف حزب الله في لبنان وجماعة انصار الله الحوثية في اليمن والمقاومة العراقية تسهم في مد المقاومة الفلسطينية باوراق قوة وضغد توظفها في الصراع والمفاوضات مع اسرائيل وامريكا.
“البحر من ورائكم والعدو من امامكم.. فليس لكم الا القتال والصبر”.. هذا هو لسان حال المقاومة بغزة ومعهم الشعب الفلسطيني. فالبديل هو استمرار الاباة والتهجير دون مقاومة.
ثم ان صمود غزة وثباتها رغم حجم الالام الكبير فاقم وما يزال يفاقم الازمة الداخلية الاسرائيلية، وايضا في العلاقة بين اسرائيل وامريكا وباقي الغرب، وما يمارسه نتنياهو المجرم وتياره المتطرف هو سياسة عض الاصابع مع المقاومة ليدفعها للتسليم.. قبل ان تفرض عليه ازمته الداخلية انهيار تحالفه وخروجه مدحورا مهزوما من معادلة القيادة الاسرائيلة!