ماجد توبه
قمة الانفصام والتناقض ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية تجاه الشعب الفلسطيني والابادة المفتوحة في قطاع غزة؛ فهي من جهة تمنح الكيان الصهيوني كل الدعم العسكري والسياسي واللوجستي الى درجة الشراكة بالابادة، لتفاجئنا، من الجهة الأخرى، بقيام طائراتها العسكرية بانزالات جوية لمساعدات واغذية على شمال القطاع!
عندما بدا الاردن وسنّ سنة الانزالات الجوية للمساعدات الاغاثية لسكان غزة المحاصرين كانت هذه الخطوة عملا عظيما من دولة منسجمة مع نفسها برفض العدوان الاسرائيلي على غزة ومطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار، وهي ابتكرت هذه الطريقة بعد عجو العالم كله عن اجبار اسرائيل على فتح المعابر البرية مع غزة بصورة حقيقية لادخال كميات كافية من حاجات المحاصرين والجوعى بالقطاع.
وما ينطبق على الاردن في تثمين خطواته المستمرة بالانزالات الجوية ينطبق على باقي الدول التي شاركت الاردن بهذه المهمة، فهي على الاغلب دول تدعو لوقف الحرب وتحذر بحق من انهيار الخدمات في غزة ومن حرب التجويع بجق اهلها.
لكن هذا التقييم والفهم لخطوات الانزالات الجوية لا ينطبق على الولايات المتحدة وادارة بايدن المجرمة، حيث انها هي من مكن ويمكن الاحتلال الاسرائيلي من استمرار عدوانه الوحشي وحرب الابادة كل مظاهر الحياة واسبابها في القطاع المنكوب. كل ما تفعله امريكا اليوم هو شراء المزيد من الوقت للكيان المجرم وجيشه البربري لاستكمال مهمته بالتدمير ومحاولات التهجير وتمنع المجتمع الدولي ومؤسساته الاممية من التصدي الحقيقي للعدوان ورفع الحصار الخانق عن الشعب الفلسطيني.
منذ ان بدات هذه الحرب العدوانية ، رمت الولايات المتحدة بكل ثقلها لايقاف الكيان الاسرائيلي على قدميه بعد الضربة القاسية التي تلقاها في 7 اكتوبر، ففتحت كل مخازنها ومستودعاتها لتزويد اسرائيل بكل انواع الاسلحة والذخائر ورمت ايضا بغطائها السياسي على اسرائيل لتتمكن من استكمال مخططها الاجرامي بغزة، بل وذهبت اكثر الى الضغط بكل قوة عبر البوارج وحاملات الطائرات والرسائل المباشرة لتحييد جبهة لبنان وغيرها من جبهات، وابقاءها في دائرة الاشتباكات المحدودة.
لذا، وباختصار، بات واضحا للجميع ان اسرائيل تفعل كل ما تفلعه اليوم من اجرام وابادة وتجويع فقط لان امريكا مكنتها وتمكنها من ذلك، ولولا هذا الموقف المتماهي حد التطابق مع الكيان لما تمكن الاخير من الاستمرار بعدوان والضرب بكل القوانين الانسانية والدولية عرض الحائط وهو يرتكب المجازر تلو المجازر بغزة.
لذلك، فان دموع التماسيح التي يظهرها بعض المسؤولين الامريكيين تجاه استهداف المدنيين في غزة ورفض حرب التجويع.. وصولا الى الانزالات الجوية الاخيرة ما هي الا محاولة تحايل مفضوحة على الراي العام الامريكي والدولي بان هناك اهتماما بحياة المدنيين بغزة. امريكا تعرف علم اليقين ان الانزالات الجوية لا تسد نسبة ضئيلة من حاجة القطاع المنكوب، وهي لا يمكن ان تكون بديلا عن فتح المعابر البرية وتمكين الشاحنات المتكدسة بمصر من الدخول الى غزة واغاثة الناس هناك سريعا وبكميات كافية.