ماجد توبه
يبدو ان المجرم الصهيوني نتنياهو وعصابته المجرمة لم يرتووا من دماء الشعب الفلسطيني، فيما يقف هذا العالم الظالم صامتا وساكنا امام اكبر الابادات البشرية التي ترتكب في قطاع غزة اليوم وببث حي ومباشر من قبل وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
بعد ان اشتعل الحديث عن صفقة للوصول الى هدنة وتبادل للاسرى، عاد نتنياهو وعصابته للتهديد والاعداد لاجتياح منطقة رفح على الحدود المصرية الفلسطينية، ما يعني شلال دم واسع بين المدنيين في هذه المنطقة التي باتت تضم نحو مليون واربعة مائة الف فلسطيني اغلبهم نزحوا من مساكنهم واحيائهم بغزة تجنبا للقتل والابادة وتكدسوا بهذه المنطقة.
بعض المحللين يرون ان تصريحات الاحتلال عن الاستعداد لاجتياح رفح هي مجرد تهديدات للضغط على المقاومة والشعب الفلسطيني لتحسين شروط اسرائيل في التفاوض على الهدنة وتبادل الاسرى، الا ان التصريحات الامريكية والدولية “الخجولة” التي تحذر اسرائيل من اثار ونتائج اي عملية عسكرية واجتياح لرفح على حياة مئات الاف النازحين المعدمين والمحاصرين، نقول هذه التصريحات الدولية التي تكتفي بالمناشدة والتحذير من اجتياح رفح تؤشر الى ان المخطط الاسرائيلي واقع بلا شك، وان ليس هناك في المجتمع الدولي من يرغب بردع الاحتلال عن ذلك.
امريكا التي تخاطب وتعامل اسرائيل كالطفل المدلل لكن المشاغب قليلا وتمده بذات الوقت بكل الاسلحة والدعم السياسي، تتواطأ بما ارتكب وسيرتكب من مجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في رفح، ولا يعفيها من مسؤولياتها الاخلاقية بضعة تصريحات لبايدن وبلينكين تحذر من اثار الكارثة المرتقبة برفح، او عدم موافقة امريكا على هذه العملية.
اما مصر، المعنية بقوة هي الاخرى في التهديد القادم من العدو لرفح ونازحيها، فتبدو تصريحاتها ورسائلها التي توجهها للاحتلال خجولة وغير مؤثرة، لانها تكتفي بالتحذير من مخططات التهجير لنازحي رفح وغزة وعدم موافقتها على العملية العسكرية للاحتلال، دون ان تبادر مصر ذات العمق الاستراتيجي والجيش الكبير الى خطوات عملية تمنع من اندفاع الاحتلال لتنفيذ مخططه.
لم تبق الا المقاومة الفلسطينية البطلة لتواجه هذا المخطط، وتدعمها حركات وقوى المقاومة في جبهات وساحات عربية اخرى، وخاصة في لبنان واليمن. لا نخشى ونثق ان الاحتلال الاسرائيلي الذي غرق في وحل غزة سيفشل ايضا حتى لو اجتاح رفح بتحقيق انتصاره المأمول، فهو لن يتمكن من تحرير اسراه بل قد يخسرهم كلهم بمثل هذه المغامرة الاجرامية، ولن يستطيع وقف عمليات المقاومة، تماما كما فشل بوقف المقاومة واستنزاف قطعاته وجنوده في شمال غزة ووسطها رغم اجتياحها وارتكاب ما يندى له جبين الانسانية من ابادة ومجازر بحق المدنيين.
الا ان صمود المقاومة وفشل الاحتلال الحتمي في الانتصار بالنهاية لا يعني ان اجتياح رفح لا يحمل كارثة انسانية واسعة جديدة على النازحين، وكارثة وضربا حقيقيا لمصالح مصر الشقيقة. وهي كذلك تعني فشلا جديدا ورسوبا اخلاقيا وانسانيا وقانونيا لكل المجتمع الدولي الذي يتابع بصمت مخز فصول هذه الابادة البشعة من كيان مارق يتحدى حتى داعميه ومن يوقفه على قدميه.