ماجد توبه
ادار كيان الاحتلال الصهيوني ظهره حتى الان لقرار محكمة العدل الدولية، والذي دشن بدء محاكمة اسرائيل بتهمة الابادة الجماعية، ومنحها مهلة شهر لاتخاذ اجراءات على الارض تضمن وقف المجازر وحرب التجويع وقطع المعونات ومتطلبات الحياة عن سكان غزة.
المهلة القضائية الدولية تقترب من الانتهاء دون اي التزام اسرائيلي بما طلبته اعلى محكمة دولية، فمئات الشهداء من المدنيين والاف الجرحى والمفقودين ما زالوا يدفعون ثمن العدوان، والتدمير للمساكن والمرافق الحيوية بما فيها التابعة للامم المتحدة مستمرة وبتصاعد، ناهيك عن العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين وقطع المساعدات ومتطلبات الحياة والوقود والغذاء، اضافة الى عمليات التعذيب الجماعية والموثقة في معتقلات الاحتلال لاسرى مدنيين والاعدامات الميدانية التي تطال اطفالا ونساء.
الحديث اليوم والتركيز منصب على اخبار اتفاق الاطار لهدنة بين كيان الاحتلال والمقاومة اطلقه اجتماع باريس المعروف، وسط تباين واسع بين مواقف الطرفين ودخول المفاوضات مرحلة عض الاصابع، وتصعيد اسرائيل عدوانها وتدميرها وجرائمها للضغط على المقاومة لتقديم تنازلات بل والتسليم بالهزيمة، فيما لا تقل المقاومة ثباتا وتمسكا بشروطها للحصول على صفقة تضمن انهاء العدوان والتزام الكيان بضمانات دولية ودفع ثمن باهظ مقابل اسرى الاحتلال.
في سياق الصفقة المرتقبة، فان العديد من المؤشرات تشير الى ان اسرائيل ستكون مضطرة في النهاية الى الرضوخ لشروط المقاومة، جراء الضغط الامريكي الكبير الذي يخشى من توسع الحرب وعدم الاستقرار في الاقليم كله، وبعد فشل اسرائيل في تحقيق اهم هدفين للعدوان النازي وهو اطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين وتدمير قيادة حماس، ما يشكل ضغطا كبيرا على نتنياهو وحكومته المتطرفة التي ما تزال تكابر وتصعد خطاباتها رغم ايمانها بان الاسرى لن يعودوا الا بصفقة توافق عليها المقاومة.
اما بخصوص محكمة العدل الدولية ومهلة الشهر الممنوحة لاسرائيل، فرغم التصريحات الجوفاء من قبل قادة اليمين الاسرائيلي بعدم الاكتراث بها او تاثيرها على قراراتهم بالعدوان والحرب، فان اسرائيل مقبلة على ادانة جديدة من المحكمة لعدم التزامها بما طلبته وقفا لمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة واستمرار جرائم الحرب، وهو امر لا يمكن التقليل من اهميته امام الراي العام الدولي والمجتمع الدولي، بل وتظهر الخشية الاسرائيلية منه بوضوح عندما تنهال التحذيرات الاسرائيلية ضد من اعضاء في اليمين المتطرف ممن يواصلون تهديد الفلسطينيين بالدمار والتهجير والابادة، كما يفعل سموريتش وبن غفير وغيرهما.
ويبدو ان كيان الاحتلال الذي يعيش ازمة عميقة متواصلة منذ 7 اكتوبر وتحطيم اسطورة جيشه وامعانه بالفشل في تحقيق اهداف العدوان وتعمق الانقسام الداخلي، يركز الان على معركة صفقة التبادل ومحاولته تحسين شروطها لاسرائيل بالتصعيد على الارض، حتى لو كان ذلك على حساب التورط اكثر امام محكمة العدل الدولية واحتمال مواجهة عزلة دولية اكبر مع استمرار حرب الابادة.
لكن هذه المعادلة ليست مفتوحة امام اسرائيل، فهي لا تستطيع في النهاية الاستمرار بالتهرب من استحقاقات المحاكمة الدولية وتصاعد الرفض بالراي العام الدولي لجرائمها بغزة، ولا الصبر اكثر على تعليق ملف اسراها وتركهم لمصيرهم المحتوم ان لم توقع الصفقة بشروط المقاومة، دع عنك ايضا عدم قدرة الولايات المتحدة والغرب على تحمل استمرار هذا الوضع اكثر، لحسابات شخصية لنتنياهو وعصابته الحاكمة.
لذلك، فان تصعيد حافة الهاوية الجاري اليوم بين اسرائيل والمقاومة، لا يتوقع له ان يطول، وستكون اسرائيل مضطرة للنزول عن الشجرة والا فانها ستخسر الكثير وتغرق اكثر في وحل غزة.