د.مؤيد عمر
أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية وغيرت الطريقة التي نتواصل بها ونعمل بها وحتى الطريقة التي نستمتع بها، رغم انها وفرت لنا العديد من وسائل الراحه الا انها اثرت تأثيرًا عميقًا على ديناميكيات الأسرة والتنمية الإجتماعية.
على الرغم من أن لوسائل التواصل الإجتماعي الفضل في تواصل أفراد العائلة من خلال الإتصال الفوري بغض النظر عن المسافات الجغرافيه إلا أنها عطلت التفاعل التقليدي وجهاً لوجه مما أثر على عمق المحادثات وجودتها، أيضاً وسائل التواصل الإجتماعي أدت إلى تغيير الطريقة التي تقضي بها العائلات الوقت معاً، حيث يمكن أن يتواجد جميع افراد الأسرة في مكان واحد لكن كل شخص يشاهد شيء مختلف وبشكل فردي حيث ينغمس جميع أفراد الأسرة في شاشاتهم مما يزيد العزله ويؤثر على العلاقة بين أفراد الأسرة وبين الأباء والأبناء والذين يقضون وقت مفرط بدلاً من قضاء وقت جيد مع الأباء، هنا قد يحاول الاباء تصحيح المسار اجباراً مما يزيد التأثير سلباً على العلاقة بين الأباء والأبناء.
وتواجه العلاقة بين الأباء والأبناء تحدي آخر يتمثل في إدارة وبسط سيطرة الاباء لوصول ابنائهم لمواقع وتطبيقات التكنولوجيا حيث يجب عليهم أن يتنقلوا بين الخط الدقيق بالسماح بالإستخدام التعليمي والترفيهي المفيد وحماية الأطفال من الآثار السلبية المحتملة للوقت المفرط أمام الهاتف، أو تعرضهم للتنمر عبر الإنترنت، أو التعرض لمحتوى غير لائق، هنا يجد الآباء أنفسهم في نزاعات مع أطفالهم حول وضع حدود لوقت الهاتف أو الأنشطة عبر الإنترنت يمكن لهذه الصراعات أن تضغط على ديناميكيات الأسرة.
على الرغم أن لمواقع التواصل الإجتماعي دورًا مهمًا في تشكيل التنمية الإجتماعية للأطفال والمراهقين حيث يمكنهم بسهوله ايجاد اقرانهم عبر الشبكات الإجتماعية إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى العزلة الإجتماعية إذا أصبح وقت الهاتف مفرطاً على حساب التجمعات العائلية او حتى تناول الوجبات مع العائلة.
تقدم مواقع التواصل الإجتماعي علاقات رقمية وليست تقليدية، حيث يتواصل الأفراد ويتفاعلون بشكل أساسي عن بعد، قد يكون لهذه العلاقات عواقب ايجابيه أو سلبيه لكن بالنسبه للأطفال والمراهقين تزيد احتمالية العواقب السلبية على نموهم الإجتماعي خاصة إذا تعرض الأطفال للتسلط والتنمر والمضايقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي مما يساهم في مشاعر العزلة والقلق والاكتئاب، خاصة بين المراهقين.
لهذا يجب على جميع أفراد الأسرة تحقيق التوازن بين مواقع التواصل الإجتماعي والحياة الأسرية ويمكن أن يتحقق هذا التوازن من خلال وضع حدود لوقت مواقع التواصل الإجتماعي مع مراعاة عمر وإحتياجات كل فرد من أفراد الأسرة، ويمكن أيضاً من خلال تشجيع الأنشطة الخارجية، مثل اللعب في الهواء الطلق وتشجيع الأطفال والمراهقين على ممارسة الرياضة أو الهوايات أو المغامرات في الهواء الطلق، لا بد للإشارة هنا أن تطبيق ذلك يجب أن يكون للأباء قبل الأبناء من باب القيادة بالقدوة لإلهام الاطفال لفعل الشيء نفسه.