ماجد توبه
حالة التوحش الصهيونية التي ازدادت وتكرست بعد طوفان الاقصى في 7 اكتوبر الماضي، والتي تعكس حجم الضربة الاستراتيجية لاساسات الكيان واساطيره بالامن والقوة التي لا تقهر، لم تنعكس فقط في الذهاب في الاجرام وحمم الموت والتدمير الى اقصاها ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ومعتقلات الاحتلال، بل امتدت الى خطابه الدبلوماسي والسياسي مع اغلب دول العالم، بما فيه بعض الحلفاء كامريكا، والراي العام المصدوم بهول المجزرة والابادة المفتوحة في غزة.
فلم ينج حتى الرئيس الامريكي بايدن وبعض المسؤولين الامريكيين من الاستفزاز الاسرائيلي والهجوم والتعريض بهم، رغم انهم حلفاء بل وشركاء في العدوان ولهم الفضل في توقيف اسرائيل على قدميها بعد الضربة القاصمة التي تعرضت لها بطوفان الاقصى وما تزال. اما الدول التي اقدمت على خطوات عملية او تصريحات قوية ضد النازية الصهيونية كجنوب افريقيا ودول امريكا اللاتينية فقد تعرضت لقصف عشوائي ومازوم من التصريحات والتحريضات الاسرائيلية، حيث يؤمن هذا الكيان بانه فوق النقد والاعتراض.
اللافت هنا ايضا، والذي يهمنا في هذه العجالة، هو المواقف الاسرائيلية المتشنجة والعدائية تجاه الاردن، وارتفاع منسوب الحساسية الاسرائيلية تجاه ما يصدر عن عمان من انتقادات وهجوم على السياسة الاسرائيلية وتحديدا على نتنياهو ومتطرفيه.
اخر هذه الفصول كان الاستفزاز الاسرائيلي والهجوم الذي شنته وزارة خارجية العدو على تصريحات وزير خارجيتنا ايمن الصفدي الاحد، عندما قال ان نتنياهو قد “يثير مواجهات متعمدة” في الشرق الأوسط “لتأخير الحساب السياسي”. واوضح اكثر أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي ربما يثير عن عمد مواجهات على جبهات أخرى، خاصة مع لبنان. وأجزاء أخرى من المنطقة، لتأخير الحساب السياسي الذي سيتعين عليه مواجهته”.
خارجية الاحتلال لم تتردد طويلا، وهجمت على تصريحات الصفدي التي اطلقها عبر قناة الجزيرة، ووصفت تصريحاته بأنها “ادعاء سخيف”، وحاولت الكذب والتبرير لامتداد عدوانها على الشعب الفلسطيني وتلويحها بفتح الجبهة الشمالية مع حزب الله، والذي يعني اشعال حرب اقليمية لا يعرف احد مداها، وتورط الولايات المتحدة فيما لا تريده من تدخل واسع بالحرب.
وبدا ان نتنياهو استفز من تصريح الصفدي إن الأردن يؤمن بدعم “دولة فلسطينية مستقلة” مقسمة على حدود عام 1967. وأضاف أنه يعتقد أنه “من الواضح جدًا” أن نتنياهو لم يدعم أبدًا حل الدولتين.
طبعا، هذه الاتهامات الموجهة لنتنياهو باتت معروفة ومصرح بها من قبله نفسه برفضه حل الدولتين، وهو يتلقى “اللوم” والانتقادات من امريكا واوروبا لها بل وحتى بات موقفه من إطالة العدوان ومحاولة فتح جبهات جديدة وعدم الاكتراث بأرواح اسراه محل نقد وهجوم اسرائيلي داخلي ويهدد باستمرار وعصابته بالحكم.
مشكلة نتنياهو وعصابته مع الأردن لم تقف عند تصريحات الصفدي بل سبقها ويرافقها الهجوم والاستفزاز من مواقف وتصريحات ولقاءات جلالة الملك وجلالة الملكة منذ انطلاق العدوان على غزة، حيث يحظى الخطاب الاردني باحترام وتقدير دولي كبير، بما يسهم في تعرية الاجرام الصهيوني ويحشد الرأي العام الدولي ضد مخططات اسرائيل بالابادة والتهجير القسري للشعب الفلسطيني وتهديد السلم والأمن في الاقليم كله، وعلى رأسها مع دول تقيم علاقات دبلوماسية معه كالاردن َومصر.
الأردن ورغم ضعف الامكانيات والنفوذ مقارنة بإسرائيل وحلفائها وحتى مقارنة بالدول الإقليمية الفاعلة كالسعودية وايران وتركيا الا انه يتقدم لأخذ دوره الحقيقي تجاه حرب الابادة والتصدي سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا للمخطات العدوانية لإسرائيل وعصابة نتنياهو.
الجميل في الأمر أن استفزاز اسرائيل ونتنياهو تجاه مواقف وتصريحات الأردن تعني دون مواربة ان هذه المواقف والجهود الأردنية مؤثرة فعلا وتعري خطابات إسرائيل وتدعم السردية الفلسطينية والعربية أمام الرأي العام العالمي.