عبدالرحمن البلاونه
على الرغم من الدمار الشامل، والخسائر الفادحة التي أوقعتها قوات الغدر الصهيوني في صفوف المدنيين من الأطفال والنساء، واصابة واستشهاد عشرات الآلاف منهم، في جرائم إبادة جماعية، ودمار واسع، وهدم لمعظم منشآت القطاع، ومبانيه، ومؤسساته الطبية والتعليمية، وقضائها على أسباب الحياة في القطاع، فلا ماء ولا غذاء ولا دواء، وعلى الرغم من الألم الذي تجرعه الأشقاء في غزة، ومشاعر الحزن والعجز والاستياء التي اكتنفت الشارع العربي، جراء الخذلان الرسمي العربي والإسلامي والدولي، إلا أن مشاهد انسحاب أعداد كبيرة من قوات الاحتلال من ألوية النخبة والقوات الخاصة والمظليين، من قطاع غزة وهي تجر خلفها اثواب الهزيمة والانكسار، قد أدخلت الفرح والسرور إلى قلوب الشرفاء من أبناء هذه الأمة، وهي تشاهد تلك القوات الغازية تعود أدراجها مكللة بالخزي والعار، بعد أن لقنهم المقاومون الابطال دروساً بالرجولة والتضحية والفداء، لن ينسوها أبداً، وكسروا شوكتهم، وحطموا اسطورتهم، وكبدوهم خسائر فادحة بالأروح والمعدات، حتى أصبحت قواتهم غير مؤهلة لخوض القتال، بعد أن فقدوا آلاف الجنود والضباط، والقادة من قوات النخبة، وقد تم تخصيص وحدات للاستشارة النفسية للحد من الصدمات التي تعرض لها الجنود أثناء القتال، في محاولة لتعزيز معنوياتهم، قبل أن تتطور إلى اضطراب ما بعد الصدمة المزمنة، التي قد تؤدي إلى الاكتئاب والانتحار، فضلاً عن الألاف من الجنود الذين فقدوا أطرافهم وعادوا بإعاقات مزمنة عاجزين.
إضافة إلى تدمير ما يزيد عن ألف آلية عسكرية من آليات الجيش الصهيوني، التي تقدر تكلفتها بمليارات الدولارات، وهذا دليل على هشاشة هذه القوات، ودليل على عجزها عن مواجهة المقاومين، وأثبتوا فشلهم الذريع بتحقيق الأهداف المعلنة من قبل مجلس الحرب الإسرائيلي الفاشل المنقسم على نفسه، منذ بداية الحرب، ومؤشراً على أن العمليات القتالية في الميدان ليست لصالحهم، بعد أن أخفقت بمهمتها ولم تحقق أي انجاز عسكري على الأرض، فلم يحرروا أسراهم، ولم يصيبوا قادة المقاومة بسوء، ولن يصيبوهم بأمر الله.
حتى وإن كان هذا الانسحاب تكتيكاً عسكرياً حسب زعمهم، أو كما وصفه البعض بأنه استراحة محارب، أو انسحاب لاستعادة الكفاءة، إلا أنه يعتبر ضربة قوية وقاصمة للجيش الإسرائيلي، وكانت نتيجته إخفاق عسكري، وانقسام زعزع أركان القيادة الإسرائيلية الهشة، بعد أن استنزف قواته التي عجزت عن تحقيق أي هدف، وهو مبشر بنصر قريب للمقاومة، وسيهزم الجمع ويولون الدبر بإذن الله تعالى.