نورالدين نديم؛
إن أردنا النهوض في وطننا الحبيب يجب أن نوجه سيل نفقاتنا وجلّ استراتيجيّاتنا تخطيطاً وإجراءًا إلى التعليم.
التعليم ليس مسنّنَاً في عجلة من عجلات الإقتصاد، بل هو عجلة رئيسيّة ومحرّكاً محوريّاً، في مسار التنمية التي تعتمد على بناء الإنسان والإستثمار فيه.
عندما أطلق الحسين الباني رحمه الله تعالى مقولة : “الإنسان أغلى ما نملك” لم بكن بعني بها مبناها اللغوي ومعناها القريب، وإنما قصد مضامين بعيدة، تحوي بين سطورها حجم الثروة التي نمتلكها ونتميز بها في الأردن المتمثلة بالعقل الأردني وقدرة الإنسان على إكتساب المعرفة وتطويرها وتوظيفها لصالح صناعة المستقبل.
وإن تعثرت الإدارات الحكومية المتعاقبة في ترجمة رؤية ومقولة الملك الراحل إلى خطط إستيعاب العقول الأردنية وتوظيفها في التحديث والتطوير وصناعة النهضة والبناء الوطني، بل تسببت بصنع فجوة في مساحة العمل وحرية التفكير والإبداع، أدت إلى هجرة العقول الأردنية، ومكنت دول الإقليم والخارج من إستثمارها وتوظيفها لبناء أوطانها ونقل المعرفة والمهارة ونمط التفكير إلى أبنائها.
أدركت الدول المسماة بالمتقدمة، وتبعتها الدول النفطية، بالإدراك والعمل المترتب على ذلك بالتخطيط والتنفيذ باعتبار التعليم حجر أساس لبناء مجتمع مستنير ودولة مدنية حداثية.
أما الدول المثقلة بالفساد الظاهر والمقنع، والتي أنهكتها الخلافات والتقاتل على السلطة والمناصب والمصالح، فقد من أبنائها ما لا يقل عن 40 مليون طفل حقّهم في التعلّم، وأكثر من 250 مليون طفل لم يلتحقوا بالمدرسة من الأساس، وأما من إلتحق بالمدارس في تلك الدول لم يتمكن سوى الربع منهم فقط من إنهاء دراسته الثانوية.
ما يهم مما ذكرناه سابقاً أننا معنيّون في وطننا الأردني أن نتدارك أنفسنا ونتعلم من أخطائنا ونستوعب أبناءنا، ونهيئ حاضنة جاذبة لهم.
وإلا فإننا – لا قدّر الله – في مواجهة كارثةٍ وطنية، تتسبب بفجوة جيلين من الخبرات والكفاءات، لن نستدرك فقدهم إلا بعد أربعة أجيالٍ بعد بدء العمل الجاد على ردم الفجوة المفترضة.
فما نقرره اليوم نقطف ثمرته سلباً وإيجاباً غداً -مجازاً-، وسيعيش آثاره وظروف إنعكاساته الوطن بأكمله.
أعتقد أن الواقع المُعاش والتغيير المُرتجى، يحتاج وقتاً لا نملك رفاهيّة التعايش معه، وعليه فإننا بحاجة لتدخلٍ مباشر وضامن لإصلاح منظومة التعليم وتهيأة بيئة مناسبة لاحتراف المعلّم وإبداع وتفوّق الطالب وإستثمار المخرجات في تحريك عجلة الاقتصاد وإرتقاء سلم النهضة والبناء.
باختصار نحن بحاجة للجنة ملكية لإصلاح المنظومة التعليمية على غرار اللجان الملكية لتحديث المنظومات السياسية والاقتصادية والإدارية.