د . نبيل الكوفحي
هناك فرق كبير بين اداء الانسان في حالة الاسترخاء عنه في حالة التحفز، حيث انه في الثانية تتعدد الحواس المستخدمة كما تتركز ايضا، لذا تقول العرب ( من مأمنه يؤتى الحذر).
هذه الحالة في الحروب قد تكون في البدايات، اذ قد يكون احد الاطراف يستعد ويتحفز للهجوم بينما عدوه يغط في نوم عميق بلا مبالاة وضعف جاهزية وقلة معلومات. لذا كانت المبادرة والمباغتة احد عوامل النصر في الحروب.
في القران الكريم كان التوجيه واضحا على لسان الرجلين الخبيرين (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). وقد جاء في الحديث الشريف (بادروا بالاعمال خمساً ..) فالمبادرة فعل محمود على اطلاقه، المحلل لغزواته صلى الله عليه وسلم انه كان مبادرا فيها جميعا وخاضها خارج المدينة الا في غزوة الخندق التي لها ظروفها، ولعل معركة مؤتة في ارض الاردن خير دليل على ذلك.
التوجية الرباني واضحا في هذا السياق ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون). واذا كان السر متعلق بالفرد مهما فكيف الامر اذا تعلق بمصلحة الأمة. في فتح مكة امر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتمان الامر عن قريش حتى يباغتها، لذلك لما علم باحتمال تسرب الخبر امر الصحابة بتدارك الامر واللحاق ببعض المرسلين لقريش حتى وجدوا المراة التي ارسلها حاطب ابن ابي بلتعة وتسريب الخبر لقريش.
في هزيمة العرب عام ١٩٦٧، باغت العدو الجيوش العربية، ودمر كثير من طائراتها واسلحتها وهي في مرابضها ساكنة والكل يعرف نتائجها الوخيمة.
الشيء الابرز في حالة طوفان الاقصى في ٧ اكتوبر هو المبادرة والمباغتة، حيث شكلت صدمة نفسية وارباكا للعدو، ورفعا لمعنويات المجاهدين، وزيادة في ارتفاع مستوى دعم جماهير الامة للمقاومة. بالتأكيد احتاج ذلك الى سنوات من الاعداد، واحتياطات عالية من السرية امام عدو يمتلك ادوات تكنولوجية عالية وشبكة من العملاء متعددة، لكنها جميعها فشلت في التنبؤ والاستعداد للهجوم.
لذلك تعتبر المعلومات الاستخبارية عن العدو احد اهم النقاط المهمة في الاستعداد للمعركة. والحصول على هذه المعلومات بحاجة لجهود واختصاصات كثيرة اعتقد انها في صلب اولويات المقاومة هناك في غزة.
والى مقال اخر ان شاء الله.